المجتهدين أربعة : (الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل) الذي هو عبارة عن البراءة الأصلية والاستصحاب. واما عند الأخباريين فالأولان خاصة. وفي هذا الفرق نظر ظاهر ، فإن الإجماع وان ذكره المجتهدون في الكتب الأصولية وعدوه في جملة الأدلة وربما استسلفوه في الكتب الاستدلالية ، إلا أنك تراهم في مقام التحقيق في الكتب الاستدلالية يناقشون في ثبوته وحصوله وينازعون في تحققه ووجود مدلوله حتى يضمحل أثره بالكلية ، كما لا يخفى على من تصفح الكتب الاستدلالية كالمعتبر والمسالك والمدارك ونحوها ، وقد تقدم لك في المقدمة الثالثة (١) نبذة من الإشارة الى ذلك. واما دليل العقل فالخلاف في حجيته بين المجتهدين موجود في غير موضع ، والمحققون منهم على منعه. وقد فصل المحقق ـ في أول كتاب المعتبر والمحقق الشيخ حسن في كتاب المعالم وغيرهما في غيرهما ـ الكلام في البراءة الأصلية والاستصحاب على وجه يدفع تمسك الخصم به في هذا الباب ، فليراجع ذلك من أحب الوقوف عليه. وقد حققنا ذلك في كتاب الدرر النجفية ، وتقدم لك في هذا الكتاب (٢) إشارة الى ذلك.
ومن الفروق التي ذكروها ان الأشياء عند الأخباريين على التثليث : (حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك) واما عند المجتهدين فليس إلا الأولان خاصة. وفي هذا الوجه ايضا نظر ، فان الشيخ في العدة وقبله شيخه المفيد قد ذهبا الى القول بالتثليث كما نقلوه عن الأخباريين مع انهما من أساطين المجتهدين ، وكلام الصدوق (قدسسره) ـ في كتاب الاعتقادات صريحا وفي كتاب من لا يحضره الفقيه ظاهرا ـ مما ينادي بالقول بالتثنية كما عليه المجتهدون ، قال في كتاب الاعتقادات : «باب الاعتقاد
__________________
(١) في المقام الثاني منها الواقع في الصحيفة ٣٥.
(٢) في المطلب الأول من المقام الثالث من المقدمة الثالثة الواقع في الصحيفة ٤١ والمطلب الثاني منه الواقع في الصحيفة ٥١.