ما يدل على اعتبار الكرية ، وكأن مراد شيخنا الشهيد (رحمهالله) ما ذكرنا ، وبذلك اندفع عنه ما أورد عليه» انتهى.
(المقالة السادسة) ـ قد عرفت مما تقدم (١) انه لا خلاف ولا إشكال في ان الجاري ينجس مع استيلاء النجاسة وغلبتها على أحد أوصافه الثلاثة ، وحينئذ فإن تغير بعضه اختص بالتنجيس إلا أن يكون الماء ممتدا وينقص ما تحت المتغير عن الكر ويستوعب التغير عمود الماء ـ وهو خط ما بين حافتيه عرضا وعمقا ـ فينجس ما تحت المتغير ايضا ، لتحقق الانفصال.
وناقش بعض محققي متأخري المتأخرين في الحكم بنجاسة ما تحت المتغير في الصورة المذكورة ، حيث قال بعد نقل الحكم المذكور : «وهذا الحكم وان كان مشهورا فيما بين المتأخرين لكن ليس له وجه ظاهر ، إذ يتخيل حينئذ انه ينقطع اتصاله بما فوق فيصير في حكم القليل. وليس بمسلم ، إذ الانقطاع إنما يحصل بانقطاع الماء وعدم جريانه اليه بالاتصال. وفيما نحن فيه ليس كذلك ، إذ الماء يجري الى ما تحت ، غايته في البين ماء نجس. والحاصل ان الأصل الطهارة وعموم دلائل انفعال القليل قد عرفت حاله ، فلا بد في نجاسة هذا الماء من دليل ، ولا دليل عليه إلا ان يتمسك بالشهرة أو عدم القول بالفصل. وفي الكل نظر لكن الاحتياط فيه» انتهى.
وهو غريب ، فإنه ان سلم نجاسة القليل بالملاقاة ـ كما يعطيه صدر كلامه ـ فلا ريب انه يصدق على هذا الماء كونه كذلك. واتصاله بالجاري ـ بواسطة الماء المتغير بالنجاسة على الوجه المذكور ـ ليس باتصال. وان منعها أو منع عموم أدلتها على وجه يشمل موضع البحث فهي مسألة أخرى يأتي تحقيقها ان شاء الله تعالى (٢).
__________________
(١) في المقالة الثالثة في الصحيفة ١٧٨.
(٢) يأتي تحقيق نجاسة القليل بالملاقاة وعدمها في المقام الأول من الفصل