(المقالة السابعة) ـ قد عرفت (١) ان الجاري مطلقا بناء على المشهور لا ينجس إلا بتغيره ، وحينئذ فطهره ـ على ما صرح به الأصحاب من غير خلاف فيه بينهم ـ بتدافع الماء من المادة وكثرته عليه حتى يستهلكه ويزول التغير ، هذا ان اشترطنا في تطهير الماء الامتزاج كما هو أحد القولين ، وان اكتفي بمجرد الاتصال كما هو القول الآخر اكتفي بمجرد زوال التغير ، لمكان المادة ، وبذلك صرح جمع من متأخري المتأخرين منهم : السيد في المدارك.
ونقل عن بعض الأصحاب انه بناء على القول الأخير يتوقف طهره هنا على التدافع والكثرة ، نظرا الى ان الاتصال المعتبر في التطهير هو الحاصل بطريق العلو أو المساواة وذلك بالنسبة إلى المادة غير متحقق ، لأنها باعتبار خروجها من الأرض لا تكون إلا أسفل منه (٢) وفي التعليل منع ظاهر.
واعلم انا لم نقف في شيء من الاخبار على تطهير الماء النجس سوى ما ورد في البئر وفي باب الحمام.
ويمكن الاستدلال هنا على الطهارة بالوجه المذكور بما رواه ثقة الإسلام في الكافي (٣) عن ابن ابي يعفور عن ابي عبد الله (عليهالسلام) قال : «ان ماء الحمام
__________________
(١) في المقالة الرابعة في الصحيفة ١٨٧.
(٢) والظاهر انه الى هذا القول يميل كلام المحقق الشيخ حسن (قدسسره) في كتاب المعالم ، حيث قال ـ بعد نقل القول المذكور ونقل القول بالاكتفاء بمجرد زوال التغير ـ ما صورته : «والتحقيق انه ان كان للمادة نوع علو على الماء النجس أو مساواة فالمتجه الحكم بالطهارة عند زوال التغير بناء على الاكتفاء بالاتصال ، وإلا فاشتراط التكاثر والتدافع متعين» انتهى. وهو ذلك القول بعينه الا ان فيه استدراكا على ذلك القائل ، حيث ان ظاهر كلامه ان المادة لا تكون إلا أسفل وأوجب التدافع والتكاثر ، مع ان المادة قد تكون أعلى أو مساوية بأن تكون في أرض مرتفعة كما ذكر المحقق المذكور (منه رحمهالله).
(٣) في الباب ـ ١٠ ـ من كتاب الطهارة وفي الوسائل في الباب ـ ٧ ـ من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.