(المقام الأول) ـ في الكتاب العزيز ، ولا خلاف بين أصحابنا الأصوليين في العمل به في الأحكام الشرعية والاعتماد عليه حتى صنف جملة منهم كتبا في الآيات المتعلقة بالأحكام الفقهية وهي خمسمائة آية عندهم ، واما الأخباريون فالذي وقفنا عليه من كلام متأخريهم ما بين إفراط وتفريط. فمنهم من منع فهم شيء منه مطلقا حتى مثل قوله «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» (١) إلا بتفسير من أصحاب العصمة (صلوات الله عليهم) ومنهم من جوز ذلك حتى كاد يدعي المشاركة لأهل العصمة (عليهمالسلام) في تأويل مشكلاته وحل مبهماته.
والتحقيق في المقام ان الأخبار متعارضة من الجانبين ومتصادمة من الطرفين ، إلا ان اخبار المنع (٢) أكثر عددا وأصرح دلالة.
ففي جملة منها ـ قد ورد في تفسير قوله تعالى «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا الآية» (٣) ـ دلالة على اختصاص ميراث الكتاب بهم (عليهمالسلام) وجملة في تفسير قوله تعالى : «بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ...» (٤) بأن
__________________
(١) قال المحدث السيد نعمة الله الجزائري (قده) في بعض رسائله : انى كنت حاضرا في المسجد الجامع في شيراز ، وكان الأستاذ المجتهد الشيخ جعفر البحراني والشيخ المحدث صاحب جوامع الكلم يتناظران في هذه المسألة ، فانجر الكلام ههنا حتى قال له الفاضل المجتهد : ما تقول في معنى «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» فهل يحتاج في فهم معناها الى الحديث؟ فقال : نعم لا نعرف معنى الاحدية ولا الفرق بين الأحد والواحد ونحو ذلك الا بذلك. انتهى.
(أقول) : ونقل عن بعض المتحذلقين ـ ممن يدعى الانتظام في سلك الأخباريين ـ انه يمنع من اللباس على غير الهيئة التي كان عليها لباس الأئمة (عليهمالسلام) وهو جهل محض (منه قدسسره).
(٢) قد عقد لها في الوسائل (الباب الثالث عشر) من أبواب صفات القاضي وما يقضى به من كتاب القضاء ، وعنوانه (عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر القرآن إلا بعد معرفة تفسيرها من الأئمة).
(٣) سورة فاطر. آية ٣٢.
(٤) سورة العنكبوت. آية ٤٩.