وما قدر كر من ماء وما قدر مساحته؟ حتى يحتمل انه يقوم بشيء واحد من تلك الأشياء المعدودة.
ويزيد ذلك أيضا تأييدا ان الظاهر ان هذه المياه المسؤول عنها كلها من مياه الطرق الواقعة بين مكة والمدينة ، وبينهما وبين العراقات ونحوهما من الأمكنة التي لا وجود للمياه الجارية فيها غالبا. ومن المنقول انهم كانوا يعمدون تلك الأيام الى بعض الأمكنة فيجعلون فيها حياضا تسقى من آبار هناك ، وامكنة يعدونها لاجتماع السيول فيها. كل ذلك لأجل المسافرين والمترددين في تلك الطرق ، وهي بين الحرمين الى الآن موجودة. وقد أشير إليها في الروايات بالسقايات وماء السبيل. وهذا بحمد الله كله ظاهر لمن تأمل بعين الإنصاف في مضامين تلك الاخبار ، وسيأتيك ما فيه زيادة إيضاح للمقام في الكلام على كلام بعض الاعلام.
نعم يبقى الكلام في حسنة محمد بن ميسر (١) المسؤول فيها عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ، حيث انها صريحة في كون ذلك الماء قليلا ، مع انه (عليهالسلام) أمره أن يضع يده فيه ويتوضأ ثم يغتسل. وكذا ما روي عنه (صلىاللهعليهوآله) من قوله : «خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه. الحديث» (٢). وكذا رواية أبي مريم الأنصاري (٣).
والجواب (اما عن الأول) (٤) فباحتماله لوجوه نبه عليها أصحابنا (رضوان الله عليهم) :
__________________
(١) المتقدمة في الصحيفة ٢٩١.
(٢) رواه صاحب الوسائل في الباب ـ ١ ـ من أبواب الماء المطلق عن المعتبر والسرائر. وتقدم في التعليقة ٢ في الصحيفة ١٨٠ ما يفيد في المقام.
(٣) المتقدمة في الصحيفة ٢٩٣.
(٤) وهي حسنة محمد بن ميسر المتقدمة في الصحيفة ٢٩١.