إلا انه بعد لا يخلو من شوب الإشكال ، لأن تلك الأخبار المشتملة على الانفعال بورود النجاسة لا صراحة لها بل ولا ظهور في التخصيص بصورة الورود حتى تقيد بها تلك الأخبار المطلقة ، وبدونه يشكل الحكم بالتقييد ، والمسألة لذلك محل تردد.
واما ما ذكره السيد السند (قدسسره) ـ من انه ليس في الروايات ما يدل على انفعال القليل بكل ما يرد عليه من النجاسات ، حتى تبعه في هذه المقالة جمع ممن تأخر عنه ـ ففيه انه وان كان جملة من تلك الاخبار قد اشتملت على نجاسات مخصوصة الا ان جملة منها قد اشتملت على ألفاظ تؤذن بالعموم ، كلفظ القذر الوارد في موثقتي عمار ورواية أبي بصير ، ولفظ الشيء في الأخبار الدالة على النجاسة بالمفهوم الشرطي ، وكذا في حسنة شهاب بن عبد ربه ، المتقدم جميع ذلك في أدلة القول بالنجاسة (١) وسيأتي مزيد تحقيق للمقام في مسألة الغسالة ان شاء الله تعالى.
(المقام الثالث) ـ جمهور القائلين بنجاسة القليل بالملاقاة لم يفرقوا في النجاسة الملاقية بين قليلها وكثيرها.
ونقل عن الشيخ (قدسسره) في المبسوط القول بعدم نجاسة الماء بما لا يمكن التحرز منه ، مثل رؤوس الابر من الدم وغيره ، فإنه معفو عنه ، لانه لا يمكن التحرز منه.
ونقل عنه في الاستبصار التخصيص بالدم القليل الذي لا يدركه الطرف كرؤوس الابر.
واستدل على ذلك بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليهالسلام) (٢) قال : «سألته عن رجل رعف فامتخط فصار ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب إناءه ،
__________________
(١) في الصحيفة ٢٨١ و ٢٨٢ و ٢٨٤.
(٢) المروية في الوسائل في الباب ـ ٨ ـ من أبواب الماء المطلق من كتاب الطهارة.