ويؤيده أيضا ما حققه المحقق الشيخ حسن (قدسسره) في كتاب المعالم ، من انه لما دل النص والإجماع على ان وقوع النجاسة في الكثير أو وقوعها عليه لا يمنع من استعماله ولا يؤثر فيه تنجيسا وان كثرت ما لم تتغير بها ، لاستهلاكها فيه واضمحلالها في جنبه ، فيدل بمفهوم الموافقة على ان الماء النجس بهذه المثابة ، فإذا وقع في الماء أو وقع الماء عليه وصار مستهلكا فيه بحيث شاعت اجزاؤه ولم تتميز وجب الحكم بطهارته. نعم فيه ما تقدم من ان العلم بذلك يقينا إنما يحصل فيما لو كان سطح الماء الكثير أوسع من سطح القليل النجس ، أو كان الماء النجس ذا طعم أو لون أو رائحة وانعدمت بوضعه في الماء الكثير.
(الموضع الثاني) ـ انه مع اعتبار الامتزاج وعدم الاكتفاء بمجرد الاتصال. فهل يشترط الدفعة العرفية ، بمعنى وقوع جميع اجزاء الماء الكثير في زمان قصير بحيث يصدق عليه الدفعة عرفا (١) حيث ان اعتبار الدفعة الحقيقية محال ، أم لا يشترط ، بل يكفي وقوعه تدريجا لكن بشرط عدم الانقطاع؟
قد اختلفت عباراتهم أيضا في ذلك ، فممن صرح بالدفعة جمع منهم : المحقق في الشرائع والعلامة في جملة من كتبه وكذا الشهيد ، بل الظاهر انه المشهور بين المتأخرين. ومنهم من أطلق كالمحقق في المعتبر ، وهو المنقول ايضا عن الشيخ في الخلاف والمبسوط. ومنهم من صرح بالاكتفاء بوقوعه تدريجا كالشهيد في الذكرى
__________________
(١) قال المحقق الشيخ حسن (ره) في كتاب المعالم : «اعلم ان المعتبر في الدفعة ما لا يخرج به الماء عن كونه متساوي السطح ، ومآله الى ان يبقى به صدق الاجتماع والوحدة عرفا ، لما عرفت من ان الموجب لاعتبارها هو التحرز من انفعال بعض اجزاء الماء ، وهو انما يكون بخروجه عن الوحدة المعتبرة» انتهى. ولا يخفى أن إلقاء الماء ـ بحيث لا يخرج عن المساواة ـ متعذر أو متعسر في أكثر الأحيان ، فلعل المراد باشتراط المساواة الاكتفاء هنا بصدق الوحدة العرفية والاجتماع وان اختلفت السطوح في الجملة (منه رحمهالله).