وبالجملة فطريق الاحتياط اعتبار الدفعة على الوجه الذي ذكرنا سابقا في الممازجة والله اعلم.
(الموضع الثالث) ـ ينبغي أن يعلم انه على جميع التقادير من القول بالدفعة والممازجة أو الاكتفاء بمجرد الاتصال ، لو كان الماء متغيرا بالنجاسة فالواجب أن يزال التغير أولا ، إلا أن يحصل زواله بالإلقاء دفعة بحيث لا يتغير شيء من ماء الكر ، أو يزاد في مقدار الماء المطهر على وجه يسلم مقدار الكر عن التغير. وعبائر جملة من الأصحاب وان دلت بإطلاقها في صورة التغير على انه يجب إلقاء كر يزيل تغيره وان تغير بعض الكر في ابتداء الوصول ، إلا ان الظاهر انه ليس بمراد لهم.
(الموضع الرابع) ـ انه قد ذكر جملة من الأصحاب انه متى كان الماء القليل متغيرا فطهره بإلقاء كر عليه ، فان زال به التغير والا فكر آخر وهكذا ، وقيده جملة من المتأخرين بأن إلقاء الكر الآخر ـ مع عدم زوال التغير بالكر السابق ـ إنما هو على تقدير ان لا يتميز كر طاهر غير متغير عن الماء المتغير ، والا فيكفي حينئذ في تطهير النجس المتصل به التموج حتى يزول التغير كما تقدم في تغير بعض الكثير. ولا يخفى ما فيه على إطلاقه من الإشكال ، لأنه متى فرض ان القليل قد تغير بعضه ، وانه بإلقاء الكر عليه دفعة فالقدر الذي وقع على ذلك البعض المتغير قد تغير ايضا ، والواقع على غير المتغير حينئذ أقل من كر ، فإنه يلزم ان ينجس الواقع على غير المتغير في أول آن الملاقاة بوقوعه على النجس وان بلغ معه بعد الوقوع كرا. واعتبار الدفعة الواحدة الموجبة لاتحاد الماءين مقيدة بعدم تغير شيء من الكر الملقى كما عرفت آنفا. نعم لو قلنا بالاكتفاء بمجرد الاتصال أو الامتزاج في الجملة ، وكان وقوع الكر المذكور في غير الناحية التي فيها التغير ، اتجه ان يكون ما وقع عليه الكر أو اتصل به طاهرا البتة ، وتختص النجاسة بالمتغير ، فيصير من قبيل مسألة الكثير المتغير بعضه. ولعل