أقول : والتحقيق ان القدر المعلوم ـ من الاخبار وكلام الأصحاب ـ هو ان ما علم تسميته بئرا في زمنهم (عليهمالسلام) فلا ريب في إجراء أحكام البئر عليه ، وما لم يعلم فإنه لا بد فيه من النبع ، كما دل عليه بعض صحاح الاخبار من ان له مادة. يعني الينبوع الذي يخرج منه الماء بقوة. فعلى هذا لو كان مما يخرج رشحا فإنه يكون من قبيل الماء المحقون في بلوغ الكرية وعدمه ، وقيل انه يسمى بالثمد. كما تقدمت الإشارة إليه في أول الباب. ولا بد فيه ايضا من التسمية بئرا ، لأن الأحكام في الاخبار إنما علقت على صدق هذا العنوان. وبذلك يظهر صحة ما ذكره شيخنا الشهيد (قدسسره) والله العالم.
(البحث الثاني) ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) ـ في نجاسة البئر بالملاقاة وعدمها بعد الاتفاق على نجاستها بالتغير ـ على أقوال :
أشهرها ـ على ما نقله جمع من المتأخرين ـ القول بالنجاسة.
وقيل بالطهارة واستحباب النزح ، ونقل عن الحسن بن ابي عقيل ، ونسب ايضا الى الشيخ (١) في بعض أقواله ، وأسنده جمع ايضا الى شيخه الحسين بن عبد الله الغضائري ، واليه ذهب العلامة في أكثر كتبه وشيخه مفيد الدين بن جهم.
وقيل بالطهارة مع وجوب النزح ، ذهب إليه العلامة في المنتهى. ونقل ايضا عن الشيخ في التهذيب. وفيه إشكال ، فإن كلام التهذيب هنا لا يخلو من تشويش واضطراب ، ولهذا نسب اليه بعضهم القول بالنجاسة.
وفصل بعض ببلوغ الكر وعدمه ، فينجس على الثاني دون الأول ونسب الى الشيخ ابي محمد الحسن بن محمد البصروي من المتقدمين. والزم بعضهم (٢) العلامة بذلك ، حيث انه
__________________
(١) أنكر بعضهم نسبة هذا القول الى الشيخ (ره) لعدم وجوده في كتبه المعروفة اللهم إلا ان يكون في بعض أجوبة المسائل المنسوبة إليه (منه رحمهالله).
(٢) هو السيد السند في المدارك (منه رحمهالله).