(البحث السابع) ـ لا خلاف بين الأصحاب في ان البئر لا ينجس بالبالوعة وان قربت منه ، الا ان يعلم تعدي ما فيها إلى البئر ـ بناء على القول بانفعالها بالملاقاة ـ أو بتغير ماء البئر بها على ما اخترناه.
ويدل على ذلك ـ مضافا الى ما دل على أصالة الطهارة عموما وخصوصا ـ رواية محمد بن ابي القاسم عن ابي الحسن (عليهالسلام) المتقدمة في أدلة القوم بعدم نجاسة البئر بالملاقاة (١) واما ما يوهم خلاف ذلك ـ كحسنة الفضلاء المتقدمة في أدلة القول بنجاسة البئر بالملاقاة (٢) ـ فقد عرفت الجواب عنها ثمة. ويزيده تأكيدا ان العمل بظاهرها ـ من الحكم بالنجاسة بمجرد ظن السريان ـ مما تدفعه الأخبار المستفيضة بعدم نقض اليقين إلا بمثله ، وان الشك لا يعارض اليقين ، فلا بد من تأويله بما ذكرنا آنفا.
ثم ان المشهور بين الأصحاب انه يستحب التباعد بين البئر والبالوعة بخمسة أذرع في الأرض الصلبة أو مع فوقية قرار البئر ، وبسبعة فيما عدا ذلك. والصور على هذا القدر ست ، وذلك لان الأرض اما ان تكون صلبة أو رخوة. وعلى كل منهما اما ان تكون البئر أعلى قرارا أو أنزل أو مساوية. ففي أربع صور منها ـ وهي الصلبة بأقسامها الثلاثة وعلو قرار البئر في الرخوة ـ يستحب التباعد بخمسة أذرع ، وما عدا ذلك بسبعة أذرع.
وضم جمع من المتأخرين إلى الفوقية الحسية الفوقية بالجهة في صورة تساوي القرارين ، بناء على ان جهة الشمال أعلى وان مجاري العيون منها. وحينئذ يحصل من ذلك الفوقية والتحتية والتساوي بحسب الجهة أيضا. وبذلك تصير صور المسألة أربعا وعشرين وان لم يكن لبعضها تأثير في اختلاف الحكم في المسألة ، وتفصيلها انه باعتبار
__________________
(١) في الصحيفة ٣٥٦ وقد تقدم ان اسم الراوي في كتب الحديث والرجال (محمد بن القاسم).
(٢) في الصحيفة ٣٥٨.