على ذلك بالروايات الواردة هناك التي من جملتها صحيحة ابن بزيع (١) قال : «سألته عن الأرض والسطح يصيبه البول وما أشبهه ، هل تطهره الشمس من غير ماء؟ قال : كيف يطهر من غير ماء». فانظر أيدك الله تعالى الى قوله : (عليهالسلام) على جهة التعجب : «كيف يطهر من غير ماء» وما فيه من الصراحة في ان التطهير مطلقا لا يكون إلا بالماء.
(رابعها) ـ انه قد تفرد بان المتنجس لا ينجس ، بمعنى ان النجاسة لا تتعدى إلا من عين النجاسة دون محلها بعد زوال العين ، مع حكمه هناك ببقاء المحل على النجاسة واحتياجه الى التطهير. وظاهر كلامه ـ كما سيأتي ذكره ان شاء الله تعالى (٢) ـ أعم من ان يكون في البدن أو غيره. وهنا قد حكم بالطهارة بمجرد زوال العين في غير الموضعين المشار إليهما في كلامه. ولا يخفى عليك ما بينهما من التدافع. وسيأتي الكلام معه أيضا في هذه المسألة ان شاء الله تعالى.
(المسألة الرابعة) ـ الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في انه لو خالط المطلق مضاف مخالف له في الصفات ولم يسلبه الإطلاق لم يخرجه عن الطهورية وقد نقل الإجماع عليه غير واحد منهم. اما لو كان ذلك المضاف مسلوب الأوصاف ـ كماء الورد العديم الرائحة ـ فعن الشيخ (رحمهالله) انه جعل الحكم منوطا بالأكثرية ، ثم قال : «فان تساويا ينبغي القول بجواز استعماله ، لأن الأصل الإباحة. وان قلنا يستعمل ذلك ويتيمم كان أحوط» وعن ابن البراج انه لا يجوز استعماله في رفع الحدث ولا إزالة النجاسة ، ويجوز في غير ذلك. حكى ذلك عنهما العلامة في المختلف. ونقل فيه عن ابن البراج انه نقل مباحثة جرت بينه وبين الشيخ في ذلك ، وخلاصتها تمسك
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب النجاسات.
(٢) في المسألة الثالثة من مسائل البحث الأول من أحكام النجاسات.