ان شاء الله تعالى. واما الثالث فان كانت تلك القاعدة مستفادة من الكتاب والسنة فلا إشكال في صحة البناء عليها ، ومنه قولهم : الأصل في الأشياء الطهارة ، أي القاعدة المستفادة من النصوص ـ وهي قولهم (عليهمالسلام) : «كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر» (١) ـ تقتضي طهارة كل شيء ، واما الرابع فهو محل الاختلاف في المقام ومرمى سهام النقض والإبرام.
ثم انه يجب ان يعلم ان الأصل بمعنى النفي والعدم إنما يصح الاستدلال به ـ على تقديره ـ على نفي الحكم الشرعي لا على إثباته ، ولهذا لم يذكر الأصوليون البراءة الأصلية في مدارك الأحكام الشرعية ، وحينئذ فإذا كانت أصالة البراءة مستلزمة لشغل الذمة من جهة أخرى امتنع الاستدلال بها ، كما إذا علم نجاسة أحد الثوبين أو الإناءين بعينه واشتبه بالآخر ، فإنه لا يصح الاستدلال على طهارة كل واحد منهما بان يقال : الأصل عدم نجاسته ، فإنه ينتج من ذلك الحكم بطهارتهما ويلزم منه اشتغال الذمة بالنجاسة لمعلوميتها كما عرفت وان جهل تعيينها ، ولذلك فروع (٢) كثيرة في أبواب
__________________
(١) الوارد بهذا المضمون هو موثق عمار الذي رواه الشيخ في التهذيب في كيفية غسل الأواني من باب (تطهير الثياب وغيرها من النجاسات) من كتاب الطهارة. ورواه في الوسائل في باب ـ ٣٧ ـ من أبواب النجاسات والأواني والجلود من كتاب الطهارة. وإليك نصه : «عن محمد بن احمد بن يحيى عن احمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدق بن صدقة عن عمار عن ابى عبد الله (عليهالسلام) في حديث قال : كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر ، فإذا علمت فقد قذر ، وما لم تعلم فليس عليك».
(٢) (منها) ـ ما لو اشتغلت ذمة المكلف بصلاة من الخمس غير معينة ، فإنه لا يصح ان يقال : الأصل براءة الذمة من كل فرد فرد من تلك الأفراد المعلومة الاشتغال وان جهل محله ، بل الواجب كما ورد به النص الإتيان بجميع الافراد المشكوكة ، ومثله الشك في الجمعة والظهر ، والشك في القبلة. وفي جميع هذه المواضع يجب الاحتياط بما يوجب الخروج من عهدة التكليف. نعم لو حصل الشك مع ذلك الواجب في محرم كما إذا وجب عليه وطء