عدم دلالة الأخبار على العموم فلا ريب ان الحكم بتوقف الطهارة في مثلها على التطهير المعهود شرعا منفي قطعا ، والواسطة بين ذلك وبين زوال العين يتوقف على الدليل. ولا دليل» انتهى. وحاصله يرجع الى ما أشرنا إليه غير مرة وحققناه في المقدمة الحادية عشرة (١) من جواز التمسك بالبراءة الأصلية فيما تعم به البلوى من الأحكام بعد الفحص عن الدليل وعدم الوقوف عليه. وهو هنا كذلك ، فان عدم وجود دليل على التكليف بإزالة النجاسة في مثل ذلك مع عموم البلوى بذلك دليل على عدم التكليف بذلك وحصول البراءة منه ، وليس بعد ذلك إلا الحكم بالطهارة بمجرد زوال عين النجاسة.
واما القول بالتوقف على الغيبة فلا دليل عليه ، كما أشار إليه بقوله : «والواسطة بين ذلك. إلخ» (٢).
واستدل في المدارك على إلحاق غير الهرة من الحيوانات بها بالأصل وعدم ثبوت التعبد بغسل النجاسة عنه.
(أقول) : والاحتجاج بالأصل هنا لا يخلو من ضعف ، فان عروض النجاسة أوجب الخروج عن حكمه ، فلا يسوغ التمسك به. واما الثاني فجيد كما أشرنا إليه هذا بالنسبة الى غير الآدمي.
واما الآدمي فهل يحكم بطهارته بمجرد غيبته زمانا يمكن فيه إزالة النجاسة أو مع تلبسه بما هو مشروط بالطهارة عنده ، أو حتى يعلم إزالة النجاسة؟ أقوال ، ظاهر
__________________
(١) في الصحيفة ١٥٥.
(٢) وتوضيحه انه اما ان يكتفى في طهر فمها بمجرد زوال العين كالبواطن أو يعتبر فيها ما يعتبر في تطهير المتنجسات من الطرق المعهودة شرعا ، فعلى الأول لا حاجة الى غيبتها ، وعلى الثاني فلا يكتفى بمجرد الاحتمال لا سيما مع بعده ، لان يقين النجاسة لا يزيله إلا يقين الطهارة ، والواسطة غير معقولة (منه رحمهالله).