وكل من خلق الله ثم يكون فيه شفاء من العين» وهذا هو أحد العيوب المترتبة على تقطيع الحديث وفصل بعضه عن بعض ، فإنه بذلك ربما تخفى القرائن المفيدة للحكم كما هنا ، وسيأتي لك كثير من نظائره ان شاء الله تعالى. وحينئذ فظاهر الخبر كراهة الاغتسال من ذلك الماء من حيث كونه ماء الحمام الذي يغتسل منه هؤلاء المعدودون ، وهو لا يقتضي كراهة مستعمل الأغسال مطلقا. وكيف كان فهو مقصور على الغسل ولا دلالة له على كراهة مستعمل الوضوء ، والمدعى أعم من ذلك كما عرفت.
(المسألة الثانية) ـ في مستعمل الحدث الأكبر. والظاهر انه لا خلاف بينهم (رضوان الله عليهم) في طهارة المستعمل في الأغسال المسنونة وطهوريته ، كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى. وقد تقدم النقل عن الشيخ المفيد (رضياللهعنه) بالكراهة.
واما مستعمل الأغسال الواجبة فلا خلاف في طهارته ايضا ، ويدل عليه أصالة الطهارة عموما وخصوصا ، وان التنجيس حكم شرعي ، وهو موقوف على الدليل ، وليس فليس. وتدل على ذلك أخبار مستفيضة :
(منها) ـ صحيحة الفضيل بن يسار (١) قال : «سئل أبو عبد الله (عليهالسلام) عن الجنب يغتسل فينتضح من الأرض في الإناء. فقال : لا بأس ، هذا مما قال الله : ما جعل عليكم في الدين من حرج (٢)».
ولا خلاف أيضا في تطهيره من الخبث كما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى. وانما الخلاف في التطهير به من الحدث ثانيا ، فالمشهور بين المتأخرين هو الجواز ونقل عن الشيخين والصدوقين المنع ، وأسنده في الخلاف الى أكثر أصحابنا ، وهو
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ـ ٩ ـ من أبواب الماء المضاف والمستعمل.
(٢) سورة الحج الآية ٧٨.