ما لا يعلمون» (١). و (ثانيهما) ـ انه عبارة عن نفي التحريم في فعل وجودي الى ان يثبت دليله بمعنى ان الأصل الإباحة وعدم التحريم في ذلك الفعل الى ان يثبت دليل تحريمه ، وهذه هي البراءة الأصلية التي وقع النزاع فيها نفيا وإثباتا ، فالعامة كملا وأكثر أصحابنا على القول بها والتمسك في نفي الأحكام بها ، حتى طرحوا في مقابلتها الأخبار الضعيفة باصطلاحهم بل الأخبار الموثقة ، كما لا يخفى على من طالع كتبهم الاستدلالية كالمسالك والمدارك ونحوهما ، فالأشياء عندهم اما حلال أو حرام خاصة ، وجملة علمائنا المحدثين وطائفة (٢) من الأصوليين على وجوب التوقف والاحتياط ، فالأشياء عندهم مبنية على التثليث (٣) (حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك) ، وربما نقل ايضا القول بأن الأصل التحريم الى ان تثبت الإباحة ، وهو ضعيف.
والحق ـ الحقيق بالاتباع ، وهو المؤيد باخبار أهل الذكر (صلوات الله عليهم) ـ هو القول الثاني ، ولنا عليه وجوه :
__________________
(١) رواه في الوسائل عن الكافي والتوحيد والخصال في باب ـ ٥٦ ـ من أبواب جهاد النفس وما يناسبه من كتاب الجهاد. وإليك نص الحديث كما
عن التوحيد والخصال : «عن احمد بن محمد بن يحيى عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حماد ابن عيسى عن حريز بن عبد الله عن ابى عبد الله (عليهالسلام) قال قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : رفع عن أمتي تسعة أشياء : الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا اليه والحسد والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطقوا بشفة».
(٢) منهم الشيخ (قدسسره) في كتاب العدة ، فإنه قد اختار القول بالتثليث في الأحكام ومنع من الاعتماد على البراءة الأصلية وأطال في الاستدلال ، ونقل ذلك أيضا في الكتاب المذكور عن شيخه المفيد (رضى الله عنه) وقد نقلنا شطرا من كلامه في المسألة في كتاب الدرر النجفية. ومثله ايضا المحقق في المعتبر (منه رحمهالله).
(٣) نقله الشيخ في كتاب العدة عن طائفة من أصحابنا الإمامية البغداديين (منه قدسسره).