(الخامسة) ـ نفى جملة من المتأخرين الخلاف عن المستعمل في الأغسال المندوبة ونقل ذلك ايضا عن الشيخ في الخلاف ، وهو ظاهره في الاستبصار أيضا. والظاهر انه بناء منهم على عدم رفعه الحدث ، كما هو المشهور من عدم التداخل بين الأغسال المستحبة والواجبة وعدم رفع المستحب للحدث ، وإلا فإنه يأتي الكلام فيه ايضا كما لا يخفى. وسيأتي ما يوضح هذه الجملة في بحث نية الوضوء ان شاء الله تعالى.
(السادسة) ـ إذا وجب الغسل من حدث مشكوك فيه ـ كمن تيقن الجنابة والغسل وشك في المتأخر منهما ، وواجد المني في ثوبه المختص به ، ونحوهما ـ فهل يكون الماء مستعملا أم لا؟ اشكال نبه عليه في المنتهى ، قال : «لأنه ماء طاهر في الأصل لم تعلم ازالة الجنابة به ، فلا يلحقه حكم المستعمل. ويمكن ان يقال انه مستعمل ، لانه قد اغتسل به من الجنابة وان لم تكن معلومة ، الا ان الاغتسال معلوم فيلحقه حكمه ، لأنه ماء أزال مانعا من الصلاة ، فانتقل اليه المنع كالمتيقن» انتهى.
واستظهر بعض (١) الاحتمال الأول ، ووجهه غير ظاهر.
والأظهر عندي الثاني ، لأنه متى حكم بكونه محدثا شرعا وممنوعا من الصلاة بدون الغسل ، ترتب على غسله ما يترتب على غسل متيقن الحدث. واما كونه كذلك واقعا أم لا فلا يؤثر في المقام ، إذ الأحكام الشرعية ـ كما عرفت في غير موضع ـ إنما ترتبت على الظاهر لا على نفس الأمر والواقع.
(السابعة) ـ هل يشترط في صدق الاستعمال الانفصال عن البدن أم لا؟ المفهوم من كلام العلامة (قدسسره) ـ في النهاية والمنتهى ـ الثاني ، قال في المنتهى : «لو اغتسل من الجنابة وبقيت في العضو لمعة لم يصبها الماء فصرف البلل الذي على العضو الى تلك اللمعة جاز ، اما على ما اخترناه نحن فظاهر ، واما على قول
__________________
(١) هو المحقق الشيخ حسن في المعالم ، والفاضل الخراساني في الذخيرة (منه رحمهالله).