قلت : لا والله جعلت فداك. فقال : ان الماء أكثر من القذر».
وهذه الأخبار وان اشتركت في نفي البأس عن ملاقاته الثوب كما في أكثرها وعدم التنجيس كما في بعضها ، إلا ان الظاهر ـ كما عليه الأصحاب ـ انه لا مدخل لخصوصية الثوب في ذلك ، فيتعدى الحكم الى غيره من باب تنقيح المناط القطعي الذي تقدمت الإشارة إليه غير مرة ، وإلا للزم ايضا اختصاص الحكم بالرجل دون المرأة كما هو مورد تلك الاخبار ، وهو خلاف ما عليه كافة علمائنا الأبرار. وربما أشعر التعليل الذي في آخر رواية العلل بعدم نجاسة غسالة الخبث مطلقا مع عدم التغيير. وسيأتي الكلام فيه في محله ان شاء الله تعالى. وإطلاق هذه الاخبار يقتضي عدم الفرق بين المخرجين ، لصدق الاستنجاء بالنسبة الى كل منهما. وبذلك صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) أيضا.
(الثاني) ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) ـ بعد الاتفاق ـ كما عرفت ـ على عدم وجوب إزالته ـ في ان ذلك لطهارته أو لكونه معفوا عنه. وربما أشعر ذلك (١) بكون العفو عبارة عن الحكم بنجاسته مع الرخصة في مباشرته. والذي يظهر من كلام شيخنا الشهيد في الذكرى ـ وتبعه عليه جمع ممن تأخر عنه ـ كون العفو هنا إنما هو بمعنى سلب الطهورية ، حيث قال بعد نقل القولين : «وتظهر الفائدة في استعماله» وحينئذ فيصير محط الخلاف في جواز رفع الحدث أو الخبث به وعدمه ، وكذا تناوله وعدمه. إلا انهم نقلوا الإجماع ايضا على عدم جواز رفع الحدث بما تزال به النجاسة مطلقا كما سيأتي في تالي هذه المسألة ، وحينئذ فينحصر الخلاف في الآخرين.
والظاهر ـ كما هو المشهور ـ الجواز تمسكا بأصالة الطهارة عموما وخصوصا ، وصدق
__________________
(١) اى مقابلة العفو بالطهارة وجعل القول بالعفو مقابلا للقول بالطهارة ، وقد نقل السيد في المدارك عن المحقق الثاني في حواشي الشرائع انه نقل عن المحقق في المعتبر انه اختار كونه نجسا معفوا عنه (منه قدسسره).