(الثاني) ـ القول بالنجاسة لكن حكمه حكم المحل قبل الغسلة ، فيجب غسل ما اصابه ماء الغسلة الأولى مرتين والثانية مرة فيما يجب فيه المرتان ، وهكذا. ونقل هذا القول عن شيخنا الشهيد ومن تأخر عنه ، واليه مال المحقق المولى الأردبيلي (عطر الله مرقده) في شرح الإرشاد. والوجه في الفرق بين الغسلتين ـ باعتبار التعدد في الأولى دون الثانية فيما يجب غسله مرتين مثلا ـ هو ان المحل المغسول تضعف نجاسته بعد كل غسلة وان لم يطهر ، ولهذا يكفيه من العدد بعدها ما لا يكفي قبلها ، فيكون حكم ماء الغسلة كذلك ، لان نجاسته مسببة عنه ، فلا يزيد حكمه عليه. لان الفرع لا يزيد على الأصل. وهذا هو المقيد لتلك الأدلة الدالة على النجاسة على الإطلاق. قال والدي (نور الله تعالى مرقده) بعد نقل هذا الكلام : «أقول : هذا التفصيل بالفرق بين المنفصل من الغسلتين وان كان لا يفهم من الأخبار ، لكنه قريب من جهة الاعتبار» انتهى. وهو كذلك إلا انه بمجرده لا يمكن الاعتماد عليه في تأسيس حكم شرعي.
(الثالث) ـ القول بالنجاسة ان كان من الغسلة الاولى والطهارة ان كان من الثانية فيما يغسل مرتين مثلا ، ومرجعه الى ان حكمه كالمحل بعد الغسلة. وهذا القول منقول عن الشيخ في الخلاف ، ونقل عنه ايضا تخصيص ذلك بتطهير الثوب. واما المستعمل في تطهير الآنية فلا ينجس عنده مطلقا سواء كان من الأولى أو من غيرها.
احتج في الخلاف ـ على ما نقل عنه ـ على الأول بأنه ماء قليل معلوم حصول النجاسة فيه فيجب ان يحكم بنجاسته. وبرواية العيص المتقدمة (١).
وعلى الثاني بأن الماء على أصل الطهارة ، والنجاسة تحتاج الى دليل. وبالروايات المتقدمة في مسألة الاستنجاء (٢).
وعلى الثالث بان الحكم بالنجاسة يحتاج الى دليل ، وليس في الشرع ما يدل عليه. وبأنه لو حكم بالنجاسة لما طهر الإناء أبدا ، لأنه كلما غسل فما يبقى فيه من النداوة
__________________
(١) في الصحيفة ٤٧٧.
(٢) في الصحيفة ٤٦٨.