وبالقول الرابع صرح العلامة في القواعد ، والظاهر انه مبني على ما اختاره من عدم نجاسة القليل الذي تزال به النجاسة إلا بعد الانفصال عن المحل ، قال في الكتاب المذكور : «والمتخلف في الثوب بعد عصره طاهر ، فان انفصل فهو نجس» انتهى. فعنده انه إذا عصر الثوب من الغسل المعتبر في تطهيره حكم بطهارته قطعا ، والمتخلف فيه على حكم الطهارة ، فلو بالغ أحد في عصره فانفصل منه شيء كان نجسا ، لأن أثر ملاقاته للمحل النجس عنده إنما يظهر بعد الانفصال. ولعل هذا منشأ وهم من نقل عنه القول بالنجاسة وان حكم بطهر المحل كما تقدم في القول الخامس ، قال المحقق الشيخ علي (قدسسره) في شرح الكتاب : «والظاهر ان هذا الحكم عنده مختص بالغسل المقتضي لحصول الطهارة ، فلو غسل زيادة على الموظف كان ماء الغسل الزائد طاهرا ، لعدم ملاقاته للمحل في حال نجاسته ، مع إمكان أن يقول بنجاسته ايضا ، لانفصال شيء من الماء المتخلف في المحل معه والتنجيس فيه بعد انفصاله. وهو بعيد ، مع ان الأصل العدم» انتهى. وكيف كان فالقول المذكور وما يبتني عليه بمحل من البعد عن ساحة الاخبار المعصومية.
(الثامن) ـ قال العلامة في المنتهى : «إذا غسل الثوب من البول في إجانة بأن يصب عليه الماء ، فسد الماء وخرج من الثانية طاهرا ، اتحدت الآنية أو تعددت».
ثم احتج على ذلك بوجهين : (أحدهما) ـ انه قد حصل الامتثال بغسله مرتين فيكون طاهرا.
و (ثانيهما) ـ صحيحة محمد بن مسلم (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الثوب يصيبه البول. قال : اغسله في المركن مرتين ، فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة».
وأورد عليه بأنه يشكل حكمه بطهارة الثوب مع نجاسة الماء المجتمع تحته في الإجانة
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ـ ٢ ـ من أبواب النجاسات.