وبالجملة فالحق هو عدم القول بالحجية في كلا الموضعين إلا مع الدلالة العرفية في بعض الموارد أو بما يرجع الى تنقيح المناط القطعي (١) والله وأولياؤه أعلم.
المقدمة الرابعة
في الاحتياط
وقد اختلف أصحابنا (رضوان الله عليهم) في وجوبه واستحبابه ، فالمجتهدون على الثاني ، والأخباريون على وجوبه في بعض المواضع ، وربما يظهر من كلام بعض متأخري المجتهدين عدم مشروعيته.
قال المحقق (قدسسره) ـ على ما نقله عنه غير واحد ـ في كتاب الأصول : «العمل بالاحتياط غير لازم ، وصار آخرون الى وجوبه ، وقال آخرون مع اشتغال الذمة : يكون العمل بالاحتياط واجبا ومع عدمه لا يجب مثال ذلك : إذا ولغ الكلب في الإناء ، نجس. واختلفوا هل يطهر بغسلة واحدة أم لا بد من سبع؟ وفيما عدا الولوغ هل يطهر بغسلة أم لا بد من ثلاث؟ احتج القائلون بالاحتياط بقوله (صلىاللهعليهوآله) : «دع ما يريبك الى ما لا يريبك». وبأن الثابت اشتغال الذمة يقينا ، فيجب ان لا يحكم ببراءتها إلا بيقين ولا يكون هذا إلا مع الاحتياط. والجواب عن الحديث ان نقول : هو خبر واحد لا يعمل بمثله في مسائل الأصول. سلمناه لكن إلزام المكلف بالأثقل مظنة الريبة ، لأنه إلزام مشقة لم يدل الشرع عليها. فيجب اطراحها بموجب الخبر.
__________________
(١) والى القول بمنع حجية كل من الفردين المذكورين مال المحدث السيد نعمة الله الجزائري (قدسسره) مستندا الى دخولهما في القياس الذي تواترت الأخبار بالنهي عنه : و (منها) ـ قول الصادق (عليهالسلام) فيما استفاض عنه «ان أصحاب القياس طلبوا العلم بالمقاييس فلم تزدهم المقاييس من الحق إلا بعدا». قال : «وهو بإطلاقه متناول لجميع افراد القياس في موضع النزاع وغيره» (منه رحمهالله).