فنقول : مما ورد في ذلك ما رواه المشايخ الثلاثة (١) (عطر الله تعالى مراقدهم) بأسانيدهم عن عمر بن حنظلة عن الصادق (عليهالسلام) وفيها : «فان كان كل رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضيا ان يكونا الناظرين في حقهما ، واختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ قال : الحكم ما حكم به أعدلهما وافقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت الى ما يحكم به الآخر. قال : قلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر. قال : فقال : ينظر الى ما كان ـ من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به ـ المجمع عليه من أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه. وانما الأمور ثلاثة : أمر بين رشده فيتبع. وأمر بين غيه فيجتنب. وأمر مشكل يرد علمه الى الله والى رسوله. قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) : «حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم. قلت : فان كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال : ينظر ، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة. قلت : جعلت فداك أرأيت ان كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم ، بأي الخبرين يؤخذ؟ قال : ما خالف العامة ففيه الرشاد. قلت : جعلت فداك فان وافقهم الخبران
__________________
(١) رواه الكليني في الكافي في باب (اختلاف الحديث) من كتاب فضل العلم ورواه الصدوق في الفقيه في باب ـ ٩ ـ (الاتفاق على عدلين في الحكومة) من الجزء الثالث. ورواه الشيخ في التهذيب في باب (الزيادات في القضاء والأحكام) من كتاب القضاء. ورواه صاحب الوسائل في باب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي وما يجوز ان يقضى به من كتاب القضاء.