والمؤلفات بما لاحصر لها على مدى هذه القرون ، والمخطوطات النفيسة التي كتبت إلى جواره لامثيل لها تدين لها البشرية ، تضرب قبّته عليهالسلام بالمدفعية الثقيلة ، وتُنهب نفائس الهدايا والآثار من مرقده الشريف ، أمّا حلقات الدرس التي كانت تعقد ، والصلوات التي كانت تؤدّىٰ بإمامة المراجع والعلماء والفضلاء فحدِّث ولا حَرَج ، ولكن لمن تنادي ؟ توارثوا نصب العداء كابراً عن كابر ، وباتوا على الحقد الدفين ، حتى نفثوه في آخر الزمان شتماً ولعناً ، وقتلاً وحرقاً لكلّ من كان اسمه عليّاً وحسناً وحسيناً !!
نور الدين محمد زنكي : أفرد له ابن كثير في البداية والنهاية فصلاً بعنوان : « في وفاة الملك نور الدين محمد زنكي ، وذِكُر شيء من سيرته العادلة » ، وقال فيه : ( وقبره بها يزار ويحلق بشبّاكه ويطيّب ، ويتبرّك به كلّ مارٍّ ، فيقول : قبر نور الدين الشهيد ) (١).
الحافظ أبو الحسن عليّ بن محمد بن خلف : قال فيه ابن كثير :
( ولمّا توفّي في ربيع الآخر من هذه السنة ، عكف الناس على قبره ليالي يقرؤون القرآن ويدعون له ، وجاء الشعراء من كلّ أوبٍ يرْثون ويترحّمون ) (٢).
أين أنتم يامن تعدّون زيارة القبور حراماً ؟
أين أنتم يامن تعدّون زوّار القبور كفرةً ؟
هذه قبور علمائكم وفقهائكم وعبّادِكم وزُهّادكم ، تُزار وتؤرّخ لهم الأحداث ، وعلى لسان كُتّابكم !!
أبو سليمان الداراتي : قال عنه ابن كثير : ( وقد دُفِنَ في قرية داريا في قِبلتها ، وقبره بها مشهور وعليه بناء ، وقبلته مسجد بناه الأمير ناهض الدين عمر النهرواني ، ووقف على المقيمين عنده وقفاً يدخل عليهم منه غلّة ، وقد
___________________________________
١ ـ البداية والنهاية : ١٢ / ٢٨٤.
٢ ـ المصدر السابق : ١١ / ٣٥١.