الاعتزال ، وغفل عن كونه من أعداء أمير المؤمنين عليهالسلام ، وإلا لوجّه إليه السّلام والتّحية أيضا ، وأما ما ذكره من التّمثيل بالبيت المشتمل على كيت وكيت فإنّما تمثّل به العلامة الدّواني في بعض رسائله لبيان القول بالأصلح بنظام الكلّ على ما ذهب إليه الحكماء والإمامية دون غيرهم من المعتزلة والأشاعرة والماتريدية (١) ولا مطابقة فيه لمذهب الأشاعرة كما توهّمه النّاصب فانّ ما اشتمل عليه ذلك البيت من المستراح يظهر عند العقل السّليم مدخليّته في نظام مجموع البيت ، إذ لولاه لتلوّث جميع البيت وفزع أهله من الرّوائح المستقذرة ، بخلاف ما اشتمال عليه العالم من الأفعال المتنازع فيها كالزّناء واللّواطة والسّرقة والكذب والنّميمة ونحوها ، فانّها كما مرّ لا يظهر نفعها في نظام العالم ، بل يكون مخلّا فيها ، وأيضا الكلام في دعواهم حسن مطلق التّصرّف من الله تعالى ، والتّصرّف الذي ، مثّل به تصرّف خاصّ يستحسنه العقل ، بخلاف بعض التّصرفات الّتى تنسبه الأشاعرة إلى الله تعالى ويمنعه أهل العدل ، ثم ما ذكره من التّنوير (٢) المظلم ، لا مطابقة له ، مع المتنازع فيه ، لأنّ عدم إعطاء السّيّد للعبيد أجرة في الصّورة المذكورة ، إنّما لا يستقبحه العقل لأنّهم عياله وعليهم نفقته من المأكول والملبوس ، فلا يجب عليه عقلا ولا شرعا أن يعطيهم سوى ذلك ممّا اعطى الاجراء الأحرار ، وان أراد بقوله لم يعطهم شيئا انه لم يعطهم شيئا أصلا لا اجرة ولا قوتا ليسدّ رمقهم كان ظلما وهو ظاهر ، وأما ما ذكره بقوله : ثمّ إنّ هذا الرّجل لو حمل العبد فوق طاقته ، أو قطع عنه القوت واللّباس يقال إنّه ظالم إلخ فهو حجّة على النّاصب من حيث لا يشعر ، لدلالته على أنّ مطلق التصرّف لا يكون عدلا كما ادعاه أهل العدل ، وأما تعليل كون ذلك ظلما بأنّه ليس بمالك على الإطلاق فعليل ، وإنّما العلّة في كونه ظلما أنّه
__________________
(١) قد تقدم بيان طائفة الماتريدية ووجه تسميتهم بذلك (ج ١ ص ١٤٤).
(٢) المراد من التنوير قوله : الا ترى.