الأشعري قدوتهم الذي اشتهروا به : الى أن معناه أن الله تعالى قد أجرى العادة بأن العبد متى اختار الطاعة أو المعصية فعلها الله تعالى فيه ، وفعل فيه القدرة عليها ، والعبد له الاختيار ، وليس لتلك القدرة في ذلك أثر ، بل القدرة والمقدور واقعان بقدرة الله تعالى. وقال القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب التمهيد : ان معناه كون ذات الفعل من الله تعالى وكونه معنونا بعنوان الطاعة أو المعصية أو غيرهما من العناوين من العبد ، وذلك مناط التكليف وعليه يدور استحقاق الثواب والعقاب ، وذلك كلطمه اليتيم فإنها تقع تأديبا وتقع ظلما ، فذات اللطمة منه تعالى وكونه تأديبا أو ظلما من العبد.
وقال بعضهم : ان الاعتقاد بالكسب في أفعال العباد لازم ، ولكن حقيقته غير معلومة لنا الى غير ذلك من التفاسير التي ترى في كلمات الاشاعرة ، وهي في غاية الاضطراب والتشتت ، واكتفى بعضهم في تقريبه وتفسيره بإيراد الامثلة وزاد عيا على عي.
ثم ان من القائلين بالتشريك بين القدرتين في صدور الأفعال الشيخ أبو إسحاق الأسفراييني ، فيحكى عنه أنه ذهب الى أن الفعل واقع بقدرته تعالى وقدرة العبد معا. والحق الحقيق بالقبول الذي تساعده الأدلة العقلية والحجج السمعية ما ذهب اليه أصحابنا من الأمر بين الأمرين كما سبق شرحه «ج ١ من ص ٤٠٦ الى ٤٢٢» وسيأتي في محله إن شاء الله تعالى.
قال الشريف الآية الباهرة السيد محمد الباقر الطباطبائى الحائرى في منظومته (مصباح الظلام ص ٢٠):
ومن يضم قدرة الله انى |
|
قدرته أنقص ما قد كملا |
والكفر والفجور في العبيد |
|
وما استحقوه من الوعيد |
من العذاب باقتحام النار |
|
ونحوه آية الاختيار |
وهل ترى يخلق فيمن قد اثم |
|
ما حصل الإثم به وينتقم |
وليس يجديك حديث الكسب |
|
ان كان موجودا بخلق الرب |
واى مانع من التعدي |
|
عنه إذا نسبته للعبد |