الأطفال والمجانين ، فانّ الطفل لو ضربه غيره بآجرة (١) تؤلمه ، فانه يذمّ الرّامي دون تلك الآجرة ، ولو لا علمه الضّروري بكون الرّامي فاعلّا دون الآجرّة لما استحسن ذمّ الرّامي دون الآجرّة ، بل هو حاصل في البهائم ، قال أبو الهذيل (٢) حمار بشر أعقل من بشر ، لأنّ حمار بشر إذا أتيت به إلي جدول كبير ، فضربته لم يطاوع على العبور ، وإن أتيت به إلى جدول صغير جازه ، لأنّه فرّق بين ما يقدر عليه وبين ما لا يقدر عليه ، وبشر لم يفرّق بينهما ، فحماره أعقل منه ، وخالفت الأشاعرة في ذلك ، وذهبوا إلى أن لا مؤثر إلا الله ، فلزمهم من ذلك محالات «انتهى».
__________________
وقال العلامة السيد باقر الجائسى الهندي في منظومته :
للعبد في أفعاله اختيار |
|
وبالضرورة انتفى الإجبار |
وانما الوجوب للدواعي |
|
لا يوجب الجبر للامتناع |
مع أنه لو تم في المقام |
|
لا وجب الإيجاب في العلام |
فما الجواب فهو الجواب |
|
وقد عرفت ما هو الصواب |
وسيأتي في كلمات مولانا العلامة وسيدنا القاضي الشهيد وما علقنا عليها ما يزيح العلل ان شاء الله تعالى.
(١) آجرة بتشديد الراء المهملة جمعها آجر.
(٢) هو أبو الهذيل محمد بن عبد الله بن مكحول البصري المشتهر بالعلاف من زعماء المعتزلة وممن شيد أركان الاعتزال ، له تصانيف منها كتاب الملاس وكتاب في مناظراته مع على الميثمي ، أضر واطرش في أخريات عمره ، توفى ببلدة سر من رأى سنة ٢٢٦ وقيل ٢٢٧ وقيل ٢٣٥ وهو غير أبى الهذيل زفر بن هذيل الحنفي العنبري المتوفى سنة ١٥٨ فراجع الريحانة ج ٥ ص ١٩٤.