وكلام الاصفهاني (١) في شرحه للطوالع يدلّ على ذلك حيث قال : والحقّ أن انتهاء كلّ الممكنات الموجودة إليه دليل على أنّه قادر على الكلّ ، وإن أريد تعلّقها به على وجه الأعمّ ، فهذا لا ينافي كون أفعال العباد مقدورة لهم بالذّات ، وأما رابعا فلأنّه إن أريد بشمولها للجميع (٢) تعلّقها به بالفعل فهذا غير لازم ممّا ذكروه في بيانه ، لجواز أن لا يكون الإمكان علّة لتعلّقها به بالفعل ، بل لإمكان التعلّق وفعليته يستند إلى ما ينضم إلى الإمكان ، وإن أريد به تعلّقها بالإمكان ، فذلك لا يستلزم الفعليّة في جميع الممكنات ، حتّى يلزم اجتماع قدرتين مؤثّرتين بالفعل في مقدور واحد ، والحاصل أنّ الإمكان كما حققه المحقق الطوسي (٣) طيّب الله مشهده ، علّة
__________________
(١) الطوالع للقاضي البيضاوي وشرحه الشهير للشيخ شمس الدين محمود بن عبد الرحمن الاصفهانى المتوفى سنة ٧٤٩.
(٢) لا يقال : ان نسبة الفعل الى الله تعالى مقدورا له اولى من نسبته الى العبد لكونه مقدورا له ، لأنا نقول : ان هذه الأولوية ليست الا بمعنى كونه أقدر وأكبر وأعظم مقدورا ، وليس في ذلك ما يوجب الاولوية والترجيح بالنظر الى مقدور واحد ، وبالجملة بالنظر الى ما انحصر من مقدورات العبد الضعيفة كما وكيفا.
(٣) هو فيلسوف الإسلام وعلامة الحكماء شيخنا أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الجهرودى الأصل المشتهر بالمحقق الطوسي ، نابغة الاعصار ، ويتيمة الدهر ، ومن يليق أن تفتخر به العلوم وأهلها ، ولد سنة ٥٩٥ ، وقيل ٥٩٧ ، أخذ العلوم عن جماعة ، منهم والده العلامة ، والشيخ سالم بن بدران ، والسيد فضل الله الراوندي ، وفريد الدين الداماد ، وقطب الدين المصري ، وغيرهم من فطاحل الفريقين ، وله كتب رائقة ورسائل فائقة تقرب من مائة وخمسين ، منها أساس الاقتباس في المنطق ، ومنها شرح الإشارات ، ومنها الفرائض النصيرية ، ومنها البارع في التقويم وأحكام النجوم ، ومنها جامع الحصى في التخت والتراب والكرة والأسطرلاب ، ومنها جام گيتى نما ، ومنها تحرير المجسطي ، ومنها تلخيص المحصل أو نقد المحصل ، ومنها تهافت الفلاسفة ، ومنها آغاز وانجام ، ومنها اوصاف الاشراف ، ومنها مساحة