أشار بهذا إلى أن الفصيح في «لدنّي» إثبات النون كقوله تعالى : (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً)(١) ويقلّ حذفها كقراءة من قرأ (مِنْ لَدُنِّي) بالتخفيف. والكثير في «قد وقط» ثبوت النون نحو : «قدني وقطني» ، ويقل الحذف نحو : «قدي وقطي : أي حسبي» ، وقد اجتمع الحذف والإثبات في قوله :
٢٠ ـ قدني من نصر الخبيبين قدي |
|
ليس الإمام بالشّحيح الملحد (٢) |
__________________
(١) قال تعالى : (قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) الكهف (٧٧).
(٢) البيت للشاعر الأموي حميد بن مالك الأرقط. قدني. حسبي أو يكفيني. الخبيبين (مثنى) أراد بهما أبا خبيب عبد الله بن الزبير وابنه خبيبا على التغليب. أو عبد الله وأخاه مصعبا. الإمام : عبد الملك بن مروان.
المعنى : حسبي ما أبليته في نصرة الزبيريين ، فإن الخليفة هنا منزه عما اتصف به ابن الزبير من الإلحاد وإمساك اليد.
الإعراب : قد : اسم بمعنى حسب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ، والنون للوقاية ، والياء : ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، من نصر : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر للمبتدأ ، قدي : توكيد لفظي للأولى ، بالشحيح : الباء حرف جر زائد ، الشحيح خبر ليس مجرور لفظا منصوب تقديرا ، الملحد : صفة للشحيح على اللفظ مجرورة. (ويجوز أن نعرب : قد : اسم فعل ، قيل : مضارع بمعنى يكفي ، وقيل ماض بمعنى كفاني ، وقيل أمر بمعنى اكفني ، والياء في ذلك كله مفعول به ، ومن : زائدة ، ونصر : فاعل).
الشاهد فيه : (قدني وقدى) فقد أثبت نون الوقاية في الأولى وهو الكثير المشهور فيها ، وحذفها من الثانية وهو قليل ، وذهب جماعة إلى أنه شاذ خاص بضرورة الشعر.