٢ ـ الثقة التامة بقواعدهم والاعتداد بآرائهم وتخطئتهم للروايات التي تنافي مذهبهم مهما يكن مصدرها.
٣ ـ تأوّل كل ما يخالف مذهبهم ـ ولو كان عربيا فصيحا وتكلف العنت في ذلك فإذا عجزوا عن التأويل حكموا بشذوذه ..
نشأة المذهب الكوفي والسمات المميزة له :
جاءت المدرسة الكوفية متأخرة عن مدرسة البصرة بنحو قرن من الزمان ، بعد أن تأصلت القواعد .. ورسخت المعايير عند البصريين ـ فاتخذوا لأنفسهم مذهبا خاصا يضاهي المذهب البصري ، وينافسه ـ وقد أخذوا على البصريين أن قواعدهم ضيقة بسبب استقرائهم الناقص ـ وترك لغات بعض القبائل ـ وإهمال القياس.
كان الكوفيون أكثر رواية للشعر من البصريين ، لهذا جعلوا كل ما ورد عن العرب إماما لهم لا يخطّئونه ، ولا يعتسفون في تأويله .. ويجيزون القياس عليه ـ فكان مذهبهم بذلك أسمح وأوسع. وأيسر وأسهل ـ ومن هنا نشأ الخلاف بين المذهبين في كثير من الفروع. وإذا كانت الكوفة تعتمد على سوق الكناسة الذي يقابل المربد عند البصريين وتلتقي فيه بالشعراء والخطباء والعلماء إلا أنها لبعدها عن البادية قلّ نزوح العرب إليها .. وبخاصة من صحت لهجاتهم .. ولم يكن للكناسة ما للمربد من شهرة واسعة وأثر بعيد .. ومن هنا انتشر المذهب البصري انتشارا هائلا واتسع مداه في كثير من الجهات .. بعكس المذهب الكوفي ..
أما أئمة المذهب الكوفي .. فعلى رأسهم أبو جعفر الرؤاسي وتلميذاه الكسائي والفراء ـ ومن أشهر علمائهم ـ هشام بن معاوية الضرير ـ ـ وابن السّكيت ـ وابن الأعرابي ـ والطّوال ـ وثعلب ـ وابن كيسان ـ وابن سعدان ـ والأنباري ـ ونفطويه ...
ويمكن تلخيص السمات الغالبة على الكوفيين فيما يلى :
١ ـ العناية بكل ما يسمعون من شعر عربي واحترام كل ما ورد عن العرب وعدم رفض شيء منه.