واختار المصنف في هذا الكتاب مذهب البصريين ، ولهذا قال : «وأبرزنه مطلقا» ، يعني : سواء خيف اللبس أو لم يخف ، واختار في غير هذا الكتاب مذهب الكوفيين ، وقد ورد السمّاع بمذهبهم ، فمن ذلك قول الشاعر :
٤٣ ـ قومي ذرا المجد بانوها وقد علمت |
|
بكنه ذلك عدنان وقحطان (١) |
التقدير : «بانوها هم» فحذف الضمير لأمن اللبس.
الخبر شبه الجملة :
وأخبروا بظرف ، أو بحرف جر |
|
ناوين معنى «كائن» أو «استقر» (٢) |
__________________
(١) لم ينسب إلى قائل معين. ذرا : مفردها ذروة وهي من كل شيء أعلاه ، بانون جمع بان وهو اسم فاعل من بنى ، كنه : حقيقة.
المعنى : بنى قومي صروحا للمجد رفيعة ، وقد علم بذلك أبناء عدنان وقحطان من العرب.
الإعراب : قومي : مبتدأ أول مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، والياء ، ضمير متصل في محل جر بالإضافة ، ذرا : مبتدأ ثان مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ، بانوها : خبر للمبتدأ الثاني مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم ، وحذفت النون للإضافة ، وها : ضمير متصل في محل جر مضاف إليه والجملة في محل رفع خبرا للمبتدأ الأول (قومي).
الشاهد فيه : قوله : بانوها فقد أجرى الوصف على غير ما هو له (ذرا) ولم يبرز الضمير لأمن اللبس ، لأن الذرا مبنية لا بانية ، ولو أبرز على الفصحى لقال : «بانيهاهم» أو «بانوهاهم» على لغة أكلوني البراغيث ، والإبراز مذهب البصريين ، وعدمه إن أمن اللبس مذهب الكوفيين كما وضّح الشارح.
(٢) أخبروا : فعل ماض مبنيّ على الضم لاتصاله بواو الجماعة ، والواو : فاعل مبني على السكون في محل رفع ، ناوين : حال من الفاعل (الواو) منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد ، معنى : مفعول به لاسم الفاعل (ناوين) منصوب بالفتحة المقدرة على آخره للتعذر.