بل له فائدة أخرى ، وهو ارتفاع العبث وازالة الاغراء باعتقاد الجهل ، وهذه الفائدة لا تحصل الا مع مقارنة البيان للخطاب.
وعن الثاني : باظهار الفرق ، ومنع الملازمة ، فان الانسان قد يتكلم بما لا يفهم أصلا ، ثم يبينه في الحال ، ولا يقبح ذلك منه ، ويقبح أن يتراخى ببيانه عن الزمان القصير ، ولأن الكلام إذا اتصل به البيان صار كالجملة الواحدة.
وعن الثالث : بالتزام التسوية بين النسخ والخصوص ، فانه لا يجوز اسماع المنسوخ الا مع الاشعار بالنسخ.
وعن الرابع : بأن ظاهر الكناية عودها إلى جميع القرآن ، وكله لا يفتقر إلى بيان.
فان قلت : يجب تنزيلها على ما يفتقر منه إلى ( بيان ) (١) كالمجمل والعموم.
قلت : ليس ( ما ذكرته ) (٢) أولى من التمسك بظاهر الكناية ، ويكون البيان اظهاره بالتنزيل ، أو يكون اشارة إلى ( بيان التفصيل ) (٣).
احتج أبو الحسين : بأنه لو تأخر بيان ما له ظاهر ، لكان المخاطب : اما أن يريد افهامنا بذلك ، واما أن لا يريد (٤) ، ويلزم من الاول بطلان كونه خطابا. ومن الثاني تكليف ما لا يطاق ، أو الاغراء باعتقاد الجهل ، لأنه ان أراد منا فهم ظاهره ، لزم الاغراء بالجهل ، والا ( لكان ) (٥) تكليفا بما لا سبيل إليه.
وهذا ينتقض بجواز تأخير النسخ ، وبأنه قد يتوجه الخطاب إلى من يموت
__________________
١ ـ في نسخة : البيان.
٢ ـ في نسخة : ما ذكره وفي أخرى : ما ذكرتم.
٣ ـ في بعض النسخ : البيان التفصيلي.
٤ ـ في نسخة : اما أن لا يريد افهامنا بذلك واما أن يريد.
٥ ـ في نسخة : كان.