قد يحذف حرف الجرّ ـ غير ربّ ـ ويبقى عمله ، وهو ضربان : سماعي غير مطّرد كقول رؤبة وقد قيل له : كيف أصبحت؟ قال : خير عافاك الله ، التقدير : على خير ، كقوله :
وكريمة من آل قيس ألفته |
حتّى تبذّح فارتقى الأعلام (١) |
أي إلى الأعلام.
وقياسيّ مطّرد في مواضع أشهرها :
(١) لفظ الجلالة في القسم دون عوض نحو «الله لأفعلنّ كذا» أي والله.
(٢) بعد كم الاستفهاميّة إذا دخل عليها حرف جرّ نحو «بكم درهم اشتريت» أي من درهم.
(٣) لام التعليل إذا جرّت «كي» وصلتها نحو «جئت كي تكرمني» إذا قدّرت «كي» تعليلية أي لكي تكرمني.
(٤) مع «أنّ» و «أن» نحو «عجبت أنّك قادم» و «أن قدمت» أي من أنّك قادم ومن أن قدمت.
(٥) المعطوف على خبر «ليس وما الحجازية» الصالح لدخول الجارّ كقول زهير :
بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى |
ولا سابق شيئا إذا كان جائيا |
فخفض «سابق» (٢) على توهّم وجود الباء في مدرك.
ومثاله في «ما الحجازيّة» «ما زيد عالما ولا متعلّم» (٣). أي التقدير : ما زيد بعالم ولا متعلّم.
(٥) متعلّق الجارّ والمجرور والظرف :
لا بدّ لكلّ من الجارّ والمجرور والظّرف من متعلّق يتعلّق به ، لأنّ الجارّ يوصل معنى الفعل إلى الاسم ، والظّرف لا بدّ له من شيء يقع فيه ، فالموصل معناه إلى الاسم ، والواقع في الظرف هو المتعلّق العامل فيهما ، وهو : إمّا فعل أو ما يشبهه من مصدر ، أو اسم فعل ، أو وصف ولو تأويلا نحو : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ)(٤). فالجارّ متعلّق بلفظ الجلالة ، لتأويله بالمعبود ، أو المسمّى بهذا الاسم ومثله قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ ، وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)(٥). في السماء متعلق ب «إله» لأنّه بمعنى معبود.
وهل يتعلّقان بالفعل النّاقص؟ : عند
__________________
(١) التاء في كريمة : للمبالغة ، ألفته : أعطيته ألفا ، «تبذّح» تكبر ، «الأعلام» الجبال ، والشاهد : كسر الأعلام بحرف جر محذوف وهذا شاذ إن صحّت القافية.
(٢) ورواية الديوان : سابقا بالنصب فلا تصلح شاهدا.
(٣) والغالب في هذا وأمثاله السماع فقط.
(٤) الآية «٣» من سورة الأنعام «٦».
(٥) الآية «٨٤» من سورة الزخرف «٤٣».