باب الحاء
حاشى : حرف من حروف الاستثناء تجرّ ما بعدها ، كما تجر حتّى. هذا ما يراه سيبويه والبصريون ، وعند الآخرين : فعل ماض حكوا : «شتمتهم وما حاشيت منهم أحدا» وما تحشّيت وما حاشيت : أي ما قلت حاشا لفلان ، والصحيح أنها حرف مثل عدا وخلا تجر المستثنى ولذلك خفضوا بحاشى كما خفض بهما ، قال الشاعر :
حاشى أبي مروان إنّ به |
ضنّا عن الملحاة والشتم |
ومن قال : حاشى لفلان خفضه باللّام الزّائدة ، ومن قال : حاشى فلانا أضمر في حاشا مرفوعا ، ونصب فلانا بحاشى ، وإذا كانت حرف جر فلها تعلّق ، وسيأتي في خلا وتختلف «حاشا» عن «خلا وعدا» بأمور منها : أن الجرّ ب «حاشا» هو الكثير الرّاجح (١) مع جواز النّصب وعليه قول الشاعر :
حاشا قريشا فإنّ الله فضّلهم |
على البريّة بالإسلام والدّين |
وقوله : «اللهمّ اغفر لي ولمن يسمع حاشا الشّيطان وأبا الأصبغ».
وقول المنقذ بن الطّمّاح الأسدي :
حاشا أبا ثوبان إنّ أبا |
ثوبان ليس ببكمة فدم (٢) |
قال المرزوقي في رواية الضّبيّ : «حاشا أبا ثوبان بالنصب ومنها : أنّ حاشا لا تصحب «ما».
فلا يجوز «قام القوم ما حاشا زيدا».
وأمّا قول الأخطل :
رأيت النّاس ما حاشا قريشا |
فإنّا نحن أفضلهم فعالا |
__________________
(١) لذلك التزم سيبويه وأكثر البصريين حرفيتها ولم يجيزوا النصب ، والصحيح جوازه فقد ثبت بنقل أبي زيد وأبي عمرو الشيباني والأخفش وابن خروف ، وأجازه المازني والمبرد والزجاج.
(٢) البكمة : من البكم وهو الخرس ، والفدم : العيّي الثقيل.