فأرسلها العراك ولم يذدها |
ولم يشفق على نغص الدّخال (١) |
ومثل فأرسلها العراك ، قولك : «مررت بهم الجمّاء الغفير» أي على الحال على نية طرح الألف واللام وهذا كقولك : «مررت بهم قاطبة» و «مررت بهم طرّا».
(انظرهما في حرفيهما).
(د) أن تكون نفس صاحبها في المعنى ، ولذا جاز «جاء عليّ ضاحكا» وامتنع : «جاء عليّ ضحكا» لأنّ المصدر يباين الذات بخلاف الوصف ، وقد جاءت مصادر أحوالا في المعارف نحو :
«آمنت بالله وحده». و «أرسلها العراك» كما تقدّم وبكثرة في النّكرات نحو : «طلع بغتة» و «سعى ركضا» ومنه قوله تعالى : (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً)(٢) ومنه «قتله صبرا» وذلك كلهّ على التّأويل بالوصف : أي مباغتا ، وراكضا ، وساعيا ، ومصبورا أي محبوسا ، والجمهور على أنّ القياس عليه غير سائغ. وابن مالك قاسه في ثلاثة مواضع :
(الأوّل) المصدر الواقع بعد اسم مقترن ب «أل» الدالة على الكمال ، نحو «أنت الرّجل علما» فيجوز «أنت الرّجل أدبا ونبلا» والمعنى : الكامل في العلم والأدب والنّبل.
(الثاني) أن يقع بعد خبر شبّه به مبتدؤه نحو «أنت ثعلب مراوغة».
(الثالث) كلّ تركيب وقع فيه الحال بعد «أمّا» في مقام قصد فيه الرّدّ على من وصف شخصا بوصفين ، وأنت تعتقد اتّصافه بأحدهما دون الآخر نحو «أمّا علما فعالم» والنّاصب لهذه الحال هو فعل الشّرط المحذوف ، وصاحب الحال هو الفاعل ، والتّقدير : مهما يذكره إنسان في حال علم فالمذكور عالم.
وهناك أسماء تقع حالا ليست مشتقّات ، وليست مصادر ، بل توضع موضع المصادر نحو «كلّمته فاه إلى فيّ» التّقدير : كلمته مشافهة ، ونحو : «بايعته يدا بيد» أي بايعته نقدا وقد تقدم ، ولو قلت : «كلمته فوه إلى فيّ» لجاز.
أمّا «بايعته يد بيد» برفع «يد» فلا
__________________
(١) الإرسال : التخلية والإطلاق ، وفاعل أرسلها :
حمار الوحش ، وضمير المؤنث لأتنه ، والذّود :
الطّرد ، أشفق عليه : إذا رحمه ، والنّغص :
مصدر يقال : نغص ينغص : إذا لم يتم مراده ، وكذا البعير إذا لم يتم شربه ، والدّخال : أن يداخل بعير قد شرب مرّة في الإبل التي لم تشرب حتى يشرب معها ، يقول : أورد العير ـ وهو حمار الوحش ـ أتنه الماء دفعة واحدة مزدحمة ولم يشفق على بعضها أن يتنغّص عند الشّرب ، ولم يذدها لأنّه يخاف الصّياد بخلاف الرّعاء الذين يديرون أمر الإبل ، فإنهم إذا أوردوا الإبل جعلوها قطعا قطعا حتى تروى.
(٢) الآية «٢٦٠» من سورة البقرة «٢».