«نصيب أشعر الحبشة». أي شاعرهم. إذ لا شاعر غيره فيهم ، وفي هذه الحالة تجب المطابقة ، ومن هذا النوع قول أبي نواس :
كأنّ صغرى وكبرى من فقاقعها |
حصباء درّ على أرض من الذّهب (١) |
ومنه قوله : تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)(٢). و (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ)(٣).
٥ ـ لاسم التّفضيل من جهة لفظه ثلاث حالات :
١ ـ أن يكون مجرّدا من «أل» و «الإضافة».
٢ ـ أن يكون فيه «أل».
٣ ـ أن يكون مضافا.
فأمّا المجرّد من «أل والإضافة».
يجب فيه أمران :
(أحدهما) أن يكون مفردا مذكّرا دائما نحو : (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا)(٤).
(ثانيهما) أن يؤتى بعده ب «من» (٥). جارّة للمفضول كالآية المارّة ، وقد تحذف «من» ، نحو (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى)(٦).
وقد جاء إثبات «من» وحذفها في قوله تعالى : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)(٧) أي منك.
وأكثر ما تحذف «من» مع مجرورها إذا كان أفعل خبرا كآية (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ) ، ويقل إذا كان حالا كقوله :
دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا |
فظلّ فؤادي في هواك مضلّلا |
أي دنوت أجمل من البدر ، أو صفة كقول أحيحة بن الجلاح :
تروّحي أجدر أن تقيلي |
غدا بجنبي بارد ظليل (٨) |
أي تروّحي وخذي مكانا أجدر من غيره بأن تقيلي فيه.
ويجب تقديم «من» ومجرورها عليه إن كان المجرور بمن استفهاما ، نحو : «أنت ممّن أفضل؟». أو مضافا إلى الاستفهام نحو «أنت من غلام من أفضل؟».
وقد تتقدّم في غير ذلك للضرورة كقول جرير :
__________________
(١) ولقد لحّن بعضهم أبا نواس بقوله «صغرى وكبرى» وكان حقه أن يقول : أصغر وأكبر بالتذكير إن أراد التفضيل. ودافع عنه بعضهم بأنه ما أراد التفضيل وإنما أراد الصغيرة والكبيرة كما أوردناه.
(٢) الآية «٢٧» من سورة الروم «٣٠».
(٣) الآية «٥٤» من سورة الإسراء «١٧».
(٤) الآية «٨» من سورة يوسف «١٢».
(٥) من : لابتداء الغاية.
(٦) الآية «١٧» من سورة الأعلى «٨٧».
(٧) الآية «٣٥» من سورة الكهف «١٨».
(٨) الخطاب : لصغار النخل وهو الفسيل ، وتروح النبت : طال.