يحشر النّاس لا بنين ولا |
آباء إلا وقد عنتهم شؤون (١) |
ومثل ذلك في التّثنية والجمع قولهم : «لا يدين بها لك» و «لا يدين اليوم لك» إذا جعلت لك خبرا لهما ، ويصحّ في نحو «لي ولك» أن يكونا خبرا ولو كان قاصدا للإضافة.
وتوكيدها بالّلام الزّائدة نحو قول الشّاعر وهو نهار بن توسعة اليشكري فيما جعله خبرا :
أبي الإسلام لا أب لي سواه |
إذا افتخروا بقيس أو تميم |
وعلّة البناء تضمّن معنى «من» الاستغراقيّة ، بدليل ظهورها في قوله :
فقام يذود النّاس عنها بسيفه |
وقال ألا لا من سبيل إلى هند |
وليس من المنصوب بلا النافية للجنس قولك : لا مرحبا ، ولا أهلا ولا كرامة ، ولا سقيا ، ولا رعيا ، ولا هنيئا ولا مريئا ، .. فهذه كلّها منصوبة ولكن ليس بلا ، ولكن بفعل محذوف.
ومثلها : لا سلام عليك.
وأمّا القسم الثّاني وهو المعرب المنصوب فهو أن يكون اسم «لا» مضافا أو شبيها بالمضاف (٢) ، فالمضاف نحو : «لا ناصر حق مخذول» والشّبيه بالمضاف نحو «لا كريما أصله سفيه» «لا حافظا عهده منسيّ» «لا واثق بالله مخذول» فـ «لا» في الجميع نافية للجنس ، وما بعدها اسمها وهو منصوب بها ، والمتأخّر خبرها.
ويقول سيبويه : واعلم أنّ «لا» وما عملت فيه في موضع ابتداء كما أنّك إذا قلت : هل من رجل ، فالكلام بمنزلة اسم مرفوع مبتدأ.
٣ ـ تكرار «لا» :
إذا تكرّرت «لا» بدون فصل نحو «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» فلك في مثل هذا التركيب خمسة أوجه :
(أحدها) فتح ما بعدهما (٣) ، وهو الأصل نحو : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ)(٤)
__________________
(١) «عنتهم» أهمتهم «شؤون» جمع شأن وهي : الشواغل.
(٢) الشبيه بالمضاف : هو ما اتّصل به شيء من تمام معناه ، وهذا يصدق على المشتقات مع معمولاتها في الرفع والنصب والجر كقولك : «محمود فعله» «طالع جبلا» «خبير بما تعملون».
وأما قولهم «لا أبالك» فاللام زائدة لتأكيد معنى الإضافة (انظر لا أبالك).
(٣) ووجهه أن تجعل «لا» فيهما عاملة كما لو انفردت ، ويقدر بعدهما خبر لهما معا ، أي لا حول ولا قوة لنا ويجوز أن يقدر لكل منهما خبر.
(٤) الآية «٢٥٤» من سورة البقرة «٢».