المضارع المجزوم بجواب الطّلب :
ينجزم المضارع بجواب الطلب إذا كان جوابا لأمر ، أو نهي ، أو استفهام ، أو تمنّ ، أو عرض.
فأمّا ما انجزم بالأمر فقولك : «ائتني آتك» ونحو قوله تعالى : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ)(١).
وأمّا ما انجزم بالنّهي فقولك : «لا تفعل يكن خيرا لك».
وأمّا ما انجزم بالاستفهام فقولك : «أين تكون أزرك».
وأمّا ما انجزم بالتّمني فقولك : «ليتك عندنا تحدّثنا».
وأمّا ما انجزم بالعرض فقولك : «ألا تنزل عندنا تصب خيرا».
وإنّما انجزم المضارع بجواب الطّلب كما انجزم جواب «إن تأتني أكرمك» أي لا يكون الجزم بجواب الطّلب إلّا أن يكون بمعنى الشّرط ، فإذا قال : «ائتني آتك» فإنّ معنى كلامه : إن تأتني آتك ، أو إن يكن منك إتيان آتك.
وإذا قال : «أين بيتك أزرك» فكأنّه قال إن أعلم مكان بيتك أزرك ، وممّا جاء من هذا الباب في القرآن قوله عزوجل : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ....)
الآية ... (٢) وقوله تعالى : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) إلى قوله تعالى ... (يَغْفِرْ لَكُمْ)(٣) ومما جاء منجزما بالاستفهام قول جابر بن جنيّ :
إلا تنتهي عنّا ملوك وتتّقي |
محارمنا لا يبؤ الدّم بالدّم (٤) |
وهناك كلمات تنزّل منزلة الأمر والنّهي لأنّ فيها معنى الأمر والنّهي ـ يجزم المضارع بعدها بجواب الطّلب.
فمن تلك الكلمات : حسبك ، وكفيك ، وشرعك ، وأشباهها تقول : حسبك ينم الناس ، وشرعك يرتح النّاس ، ومثل ذلك : «اتّقى الله امروء وفعل خيرا يثب عليه» لأنّ فيه معنى ليتّق الله امرؤ وليفعل خيرا ، وكذلك ما أشبه هذا.
يقول سيبويه : وسألت الخليل عن قوله عزوجل : (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)(٥) فقال : لمّا كان الفعل
__________________
(١) الآية «١٥١» من سورة الأنعام «٦».
(٢) الآية «٦١» من سورة آل عمران «٣».
(٣) الآية «١٠ ـ ١٢» من الصف «٦١».
(٤) لا يبؤ من البواء : وهو القود ، والشاهد جزم لا يبؤ بجواب : إلّا تنتهي.
(٥) الآية «١٠» من سورة المنافقين «٦٣» وأول الآية : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ : رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ).