قول العرب «كليهما وتمرا» (١) يريد أعطني كليهما وتمرا.
ومن ذلك قولهم : «كلّ شيء ولا شتيمة حرّ» أي ائت كلّ شيء ، ولا ترتكب شتيمة حرّ ، فحذف الفعل لكثرة استعمالهم إياه ، ومن العرب من يقول : «كلاهما وتمرا» كأنّه قال : كلاهما لي ثابتان وزدني تمرا ، وكلّ شيء قد يقبل ولا ترتكب شتيمة حرّ.
ومما ينتصب في هذا الباب على إضمار الفعل المتروك إظهاره ، قوله تعالى : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ)(٢) «وراءك أوسع لك» والتقدير : انتهوا وأتوا خيرا لكم ، لأنّك حين قلت : انته فأنت تريد أن تخرجه من أمر وتدخله في آخر ، ويجوز في مثل هذا إظهار الفعل ، ومعنى «وراءك أوسع لك» تأخّر تجد مكانا أوسع لك ، ومثله قول ابن الرّقيّات :
لن تراها ولو تأمّلت إلّا |
ولها في مفارق الرّأس طيبا |
والمعنى : إلّا ورأيت لها طيبا.
ومثله قول ابن قميئة :
تذكرّت أرضا بها أهلها |
أخوالها فيها وأعمامها |
والمعنى : وتذكّرت أخوالها وأعمامها.
وإمّا وجوبا وذلك في سبعة أنواع :
(١) الأمثال ونحوها ممّا اشتهر بحذف العامل نحو قولك للقادم عليك «أهلا وسهلا» أي جئت أهلا ، ونزلت مكانا سهلا ، وفي المثل : «أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك» (٣) تقديره : اقبلي أمر مبكياتك ، وفي المثل : «الكلاب على البقر» (٤) أي أرسل.
(٢) النّعوت المقطوعة إلى النّصب للتّعظيم ، نحو «الحمد لله الحميد» (انظر النعت).
(٣) الاسم المشتغل عنه نحو : «محمّدا سامحه» (انظر الاشتغال).
(٤) الاختصاص نحو «نحن العرب أسخى من بذل» (انظر الاختصاص).
(٥) التّحذير بشرط العطف أو التكرار بغير «إيّا» نحو «رأسك والسّيف» و «الكسل الكسل» ونحو «إيّاك والكذب». (انظر التحذير).
(٦) الإغراء بشرط العطف أو التكرار أيضا نحو «المروءة والنّجدة» (انظر الإغراء).
__________________
(١) وفي أمثال الميداني : كلاهما وتمرا ، كلاهما : أي زبد وسنام.
(٢) الآية «١٧١» من سورة النساء «٤».
(٣) مثل يضرب لاستماع النصيحة ، ويصيح فيه ـ كما يقول سيبويه ـ الضم.
(٤) مثل ، معناه : خلّ الناس خيرهم وشرهم واغتنم طريق السلامة.