فتقول : «أعبد الله ضربته» و «أزيدا مررت به» و «أعمرا قتلت أخاه» أو «أعمرا اشتريت له ثوبا» ففي كل هذا قد أضمرت بين همزة الاستفهام والاسم بعدها ـ فعلا ، والفعل المذكور تفسيره ، قال جرير :
أثعلبة الفوارس أم رياحا |
عدلت بهم طهيّة والخشابا (١) |
ومثل ذلك : «ما أدري أزيدا مررت به أم عمرا» (٢) أو «ما أبالي أعبد الله لقيت أم عمرا» وتقول في الرّفع بعد همزة الاستفهام «أعبد الله ضرب أخوه زيدا» ، لا يكون إلّا الرفع ، لأنّ الذي من سبب عبد الله ـ وهو أخوه ـ مرفوع لأنّه فاعل ، فيرتفع إذا ارتفع الذي من سببه ، كما ينتصب إذا انتصب ، ويكون الفعل المضمر ما يرفع ، كما أضمرت في الأول ما ينصب.
فإن جعلت زيدا الفاعل قلت : «أعبد الله ضرب أخاه زيد» ....
٢ ـ دخول همزة الاستفهام على همزة الوصل :
همزة الاستفهام إذا دخلت على همزة الوصل ، ثبتت همزة الاستفهام وسقطت همزة الوصل ، وذلك لأنّ همزة الوصل إنما أتي بها ليتوصّل بها إلى النطق بالساكن الذي بعدها ، فلمّا دخلت عليها همزة الاستفهام استغني عنها بهمزة الاستفهام ، فأسقطت ، نحو قولك في الاستفهام «أبن زيد أنت؟» و «أمرأة عمرو أنت؟» «أستضعفت زيدا؟» «أشتريت كتابا؟» ومنه قوله تعالى : (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً)؟ (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ)؟
(أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ)؟ (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) إلى كثير من الأمثال. وقال ابن قيس الرّقيّات :
فقالت : أبن قيس ذا؟
وبعض الشّيب يعجبها وقال ذو الرّمّة :
أستحدث الرّكب عن أشياعهم خبرا؟
أم راجع القلب من أطرابه طرب؟
٣ ـ همزة الاستفهام والقسم :
تقول : «آلله» مستفهما مع التّأكيد بالقسم ، وكذلك «آيم الله؟» و «آيمن الله؟» ، فهمزة الاستفهام نابت عن «واو» القسم وجرّ بها المقسم به ، ولا تحذف هنا همزة الوصل من لفظ الجلالة أو «أيم» أو «ايمن» وإنما تجعل مدّة كما لو دخلت على غير القسم فتقول : «آلرّجل فعل ذلك؟». فهمزة
__________________
(١) وتقدير الكلام : أظلمت ثعلبة عدلت بهم طهية.
(٢) التقدير : ما أدري أجاوزت زيدا ، وتفسيره مررت به.