وهذا متعيّن للاستئناف ، لأنّ العطف يجعله شريكا في النّفي فيلزم التناقض.
واو الحال : وتدخل على الجملة الإسميّة نحو «أقبل خالد وهو غضبان» وعلى الجملة الفعليّة نحو قول الفرزدق :
بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم |
ولم تكثر القتلى بها حين سلّت |
ولو قدّرت العطف بالواو في : «ولم تكثر» لانقلب المدح ذمّا ، والمعنى : لم يغمدوا سيوفهم حال عدم كثرة القتلى منهم بها.
واو العطف :
١ ـ هي أصل حروف العطف ، ومعناها : إشراك الثاني فيما دخل فيه الأوّل ، وليس فيها دليل على أيّهما كان أوّلا (١) ، فتعطف متأخّرا في الحكم ، ومتقدّما ، ومصاحبا ، فالأوّل نحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ)(٢) والثاني نحو : (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ)(٣) والثالث نحو : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ)(٤). ونحو (وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ)(٥) ، والسجود بعد الركوع.
٢ ـ الواو بمعنى الفاء :
قد تأتي الواو العاطفة بمعنى الفاء ، وذلك في الخبر ، كقولك : «أنت تأتيني وتكرمني» و «أنا أزورك وأعطيك» و «لم آتك وأكرمك» وفي الاستفهام إذا استفهمت عن أمرين جميعا نحو «هل يأتي خالد ويخبرني خبره؟» وكذلك «أين يذهب عمرو وينطلق عبد الله».
٣ ـ اختصاص الواو العاطفة :
تختصّ الواو من سائر حروف العطف بواحد وعشرين حكما :
(١) أنها تعطف اسما لا يستغنى عنه ك «اختصم عمرو وخالد» و «اصطفّ بكر وعليّ» و «اشترك محمّد وأخوه» و «جلست بين أخي وصديقي» لأنّ الاختصام والاصطفاف والشّركة والبيّنيّة من المعاني
__________________
(١) ويستدرك من هذا الإطلاق : بعض الأعداد فإن منها ما يكون لمطلق الجمع مثل (ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) ومنها يؤتى به ويراد منه الانفراد لا الاجتماع ، وهي الأعداد المعدولة ك «ثلاث» و «رباع» وعلى هذا يفسّر قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) الآية «٣» من سورة النساء ، وكذلك قوله تعالى : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ولا حاجة لتأويل الواو هنا ب «أو» كما يقول ابن هشام.
(٢) الآية «٢٦» من سورة الحديد «٥٧».
(٣) الآية «٢» من سورة الشورى «٤٢».
(٤) الآية «١٥» من سورة العنكبوت «٢٩».
(٥) الآية «٤٣» من سورة آل عمران «٣».