وإذا خفّقت «أن» المفتوحة يبقى العمل وجوبا ، ولكن يجب في اسمها كونه مضمرا محذوفا.
وأمّا قول عمرة بنت ابن العجلان :
بأنك ربيع وغيث مريع |
وأنك هناك تكون الثّمالا |
فضرورة ويجب في خبرها أن يكون جملة ، فإن كانت اسميّة ، أو فعليّة فعلها جامد ، أو دعاء ، لم تحتج إلى فاصل نحو : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(١). (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها)(٢). والقراءة المشهورة : (أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها). بتشديد نون أنّ. ويجب الفصل في غيرهنّ ب «قد» نحو (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا)(٣). أو «تنفيس» نحو (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى)(٤). أو «نفي بلا أو لن أو لم» نحو (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ)(٥) ، على قراءة الرفع في تكون (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ)(٦)(أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ)(٧). على جواز أن تأتي أن المخففة بعد الظن ، أو «لو» نحو (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ)(٨). (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا)(٩). ويندر ترك الفصل بواحد منها كقوله :
علموا أن يؤمّلون فجادوا |
قبل أن يسألوا بأعظم سؤل |
أن التّفسيرية :
أن هذه بمنزلة أي ، وذلك مثل قوله عزوجل (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا)(١٠) لأنّك إذا قلت : «انطلق بنو فلان أن أمشوا ، فأنت لا تريد أن تخبر أنّهم انطلقوا بالمشي ومثل ذلك : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ)(١١) ومثل هذا في القرآن كثير.
وأمّا قوله : «كتبت إليه أن افعل» و «أمرته أن قم» فيكون على وجهين : على أن تكون «أن» التي تنصب الأفعال وصلتها بفعل الأمر. والوجه الآخر أن تكون بمنزلة «أي» كما كانت في الأول. وأما قوله عزوجل : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ
__________________
(١) الآية «٣٩» من سورة النجم «٥٣».
(٢) الآية «٩» من سورة النور «٢٤».
(٣) الآية «١١٣» من سورة المائدة «٥».
(٤) الآية «٢٠» من سورة المزمل «٧٣».
(٥) الآية «٧١» من سورة المائدة «٧١».
(٦) الآية «٥» من سورة البلد «٩٠».
(٧) الآية «٧» من سورة البلد «٩٠».
(٨) الآية «١٠٠» من سورة الأعراف «٧».
(٩) الآية «١٦» من سورة الجن «٧٢».
(١٠) الآية «٦» من سورة ص «٣٨».
(١١) الآية «١١٧» من سورة المائدة «٥».