والشاهد «يعجمه» إذ رفعه وقطعه ولم يعطفه ، والعطف خطأ بالمعنى ، والمعنى : فإذا هو يعجمه ، و «أن» أمكن الحروف في نصب الأفعال. لذلك تنصب ظاهرة ومضمرة ، فالظاهرة كما تقدّم.
وأمّا المضمرة : فتضمر وجوبا في خمسة مواضع :
بعد «لام الجحود» بعد «أو» بمعنى «إلى» أو «إلّا» بعد «حتّى» ، بعد «فاء السّبّبية» ، بعد «واو المعيّة».
(انظر كلّا في حرفه).
وتضمر جوازا بعد خمسة أيضا :
(١) لام التعليل ، إذا لم يسبقها ، كون منفيّ» ولم يقترن الفعل ب «لا» الزائدة أو النافية ، نحو (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)(١) و (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)(٢) فإن سبقت بالكون وجب إضمار «أن» وتكون اللام لام الجحود (٣) ، وإن قرن الفعل ب «لا» النافية ، أو الزّائدة ، وجب إظهارها ، فالأوّل : نحو (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ)(٤) والثاني : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ)(٥) أي ليعلم. والأربعة الباقية «الواو ، الفاء ، أو ، ثمّ». إذا كان العطف بها على اسم صريح.
فمثال «الواو» قول ميسون زوج معاوية :
ولبس عباءة وتقرّ عيني |
أحبّ إليّ من لبس الشّفوف (٦) |
ومثال «الفاء» قول الشاعر :
لو لا توقّع معترّ فأرضيه |
ما كنت أوثر إترابا على ترب (٧) |
ومثال «أو» قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً)(٨) ومثال «ثمّ» قول أنس بن مدركة الخثعمي :
إنّي وقتلي سليكا ثمّ أعقله |
كالثّور يضرب لمّا عافت البقر |
والنصب ب «أن» مضمرة في غير ما مرّ شاذ كقولهم في المثل «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» (٩). وقول
__________________
(١) الآية «٧١» من سورة الأنعام «٦٠».
(٢) الآية «١٢» من سورة الزمر «٣٩».
(٣) انظرها في حرفها.
(٤) الآية «١٥٠» من سورة البقرة «٢».
(٥) الآية «٢٩» من سورة الحديد «٥٧».
(٦) وتقر : وتسر ، الشّفوف : واحدها شف وهي الثياب الرقيقة.
(٧) التوقع : الانتظار ، المعتر : السائل ، الإتراب : مصدر أترب إذا استغنى ، والترب : مصدر ترب إذا افتقر.
(٨) الآية «٥١» من سورة الشورى «٤٢».
(٩) للمثل روايات منها هذه ، ومنها : سماعك بالمعيدي ومنها : أن تسمع بالمعيدي ، ويضرب هذا المثل في الرجل تسمع عنه أكثر مما ترى فيه.