لنفسك». ولا يقاس عليه إجماعا.
إن النافية :
لك فيها ثلاثة أوجه :
(أحدها) أن تقول : «إن زيد قائم» و «إن أقوم معك» تريد : ما زيد قائم ، وما أقوم معك. قال الله تعالى : (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ)(١) أي : ما أدري. وقال تعالى : (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا)(٢) ، أي : ما عندكم ، وقال تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ)(٣). أي : في الذي لم نمكّنكم فيه. وقال تعالى : (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ)(٤) يريد : ما يمسكهما أحد.
(الوجه الثاني) أن تدخل إلّا في الخبر فتقول : «إن خالد إلّا مسافر» وفي الفاعل «إن قدم إلّا عمرو» و «إن يبقى إلّا محمّد» تريد : ما خالد إلّا مسافر ، وما قدم إلّا عمرو ، وما يبقى إلّا محمّد.
قال الله تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)(٥) أي ما الكافرون. ومثله (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ)(٦) ، (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ)(٧).
(الوجه الثالث) أن تدخل «لمّا» بتشديد الميم ، موضع إلّا وتكون بمعناها كقولك : «إن عمرو لمّا مقبل» تريد : ما عمرو إلّا مقبل. قال الله تعالى : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(٨). (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)(٩) وكان سيبويه لا يرى فيها إلّا رفع الخبر لأنها حرف نفي دخل على ابتداء وخبر كما تدخل ألف الاستفهام فلا تغيّره ، وأجاز الكسائي والمبرّد والكوفيّون أن تعمل «إن» النافية عمل ليس إذا دخلت على الجملة الاسميّة ، واستشهدوا على ذلك بقول أهل العالية : «إن أحد خيرا من أحد إلّا بالعافية» وقول الشاعر :
إن هو مستوليا على أحد |
إلّا على أضعف المجانين |
وقرأ سعيد بن جبير : إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم (١٠) بنون مخفّفة مكسورة ، ولا يشترط في معموليها أن يكونا نكرتين كما في «ما» الحجازية.
__________________
(١) الآية «٢٥» من سورة الجن «٧٢».
(٢) الآية «٦٨» من سورة يونس «١٠».
(٣) الآية «٢٦» من سورة الأحقاف «٤٦».
(٤) الآية «٤١» من سورة فاطر «٣٥». واجتمع في هذه الآية إنّ الشرطية والنافية.
(٥) الآية «٢٠» من سورة الملك «٦٧».
(٦) الآية «٢» من سورة المجادلة «٥٨».
(٧) الآية «١٨٤» من سورة الأعراف «٧».
(٨) الآية «٤» من سورة الطارق «٨٦».
(٩) الآية «٣٢» من سورة يس «٣٦».
(١٠) الآية «١٩٣» من سورة الأعراف «٧».