والأصل في الفاعل أن يلي فعله (١) فإن قدّم على الفاعل غيره فهو في النية مؤخّر ، فلذلك جازت مسألة ضرب غلامه زيد. وامتنع مسألة ضرب غلامه زيدا ، لأنّ ضمير الغائب لا يجوز أن يعود إلى غير مذكور لفظا ولا معنى ، فجاز ضرب غلامه زيد لتقدم زيد معنى ، فيعود الضمير المتصل بالمفعول ، في غلامه إلى زيد المتقدم معنى ، وامتنع ضرب غلامه زيدا (٢) ، لأنّ الضمير لزيد ، وهو متأخر لفظا ومعنى ، أمّا تأخره لفظا فظاهر من المثال المذكور ، وأمّا تأخره معنى ، فلأنه مفعول ، والمفعول متأخر معنى ولو كان مقدما لفظا (٣).
ذكر وجوب تقديم الفاعل (٤)
يجب تقديم الفاعل إذا انتفى الإعراب لفظا فيهما (٥) والقرائن المعنويّة كضرب موسى عيسى ، بخلاف أكل الكمّثرى موسى ، للقرينة التي تنفي اللّبس ، وكذلك يجب تقديمه إذا كان مضمرا متصلا ، نحو : ضربت زيدا وضربتك ، وكذلك يجب تقديمه إذا أثبت المفعول بعد النفي نحو : ما ضرب زيد إلّا عمرا ومعناه حصر مضروبيّة زيد في عمرو أي لا ضارب لزيد سوى عمرو (٦).
ذكر وجوب تقديم المفعول (٧)
يجب تقديم المفعول لفظا ، وإن كان على خلاف القياس إذا أضيف الفاعل إلى ضمير المفعول كقوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ)(٨). لأنّ الفاعل لو قدّم رجع الضمير إلى غير متقدّم لا لفظا ولا معنى وهو مثل : ضرب غلامه زيدا ،
__________________
(١) الكافية ، ٣٨٤.
(٢) جوزه الأخفش وابن جني ، وجعلاه قياسا ، انظر الخصائص لابن جني ١ / ٢٩٤ وهمع الهوامع ، ١ / ٦٦.
(٣) شرح الوافية ، ١٥٧ ، والتشابه بينهما واضح. وانظر شرح المفصل ، ١ / ٧٥ ، وشرح الكافية ، ١ / ٧١.
(٤) الكافية ، ٣٨٤.
(٥) في شرح الوافية ، ١٥٨ «فيهما معا وانتفت القرائن المعنوية».
(٦) شرح الوافية ، ١٥٨ ، وانظر الكتاب ، ١ / ٣٤ ، والمقتضب ، ٣ / ٩٥ ١١٧ ـ ٤ / ٢ وشرح الكافية ، ١ / ٧٢ وشرح التصريح ، ١ / ٢٨١ ، والأشموني ، ٢ / ٥٦.
(٧) الكافية ، ٣٨٥.
(٨) من الآية ١٢٤ من سورة البقرة.