ومما يجب فيه تقديم المفعول أن يكون المفعول مضمرا متّصلا والفاعل ظاهر نحو : ضربك زيد وضربني زيد ، ومما يجب فيه تقديم المفعول أيضا ، إن ثبت الفاعل بعد النّفي كقولك : ما ضرب عمرا إلّا زيد ، أي لا ضارب / لعمرو غير زيد ، فلو قدّر ضارب آخر لم يستقم المعنى (١) ومنه قول الشّاعر (٢) :
قد علمت سلمى وجاراتها |
|
ما قطّر الفارس إلّا أنا |
ذكر حذف الفعل جوازا ووجوبا (٣)
حذف الفعل جائز وواجب ، فالجائز ، قولك : زيد في جواب من قال : من قام؟ ونحوه أي قام زيد (٤) وكذلك يحذف الفعل جوازا في نحو قوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ)(٥) فيمن قرأ بفتح الباء من يسبح (٦) أي يسبّحه رجال ، فأنت مخيّر في ذلك إن شئت حذفت الفعل لدلالة القرينة عليه ، وإن شئت أظهرته لزيادة البيان. فإن قيل من قام؟ قلت : عمرو أو قام عمرو حسبما تقدم ، والفعل الواجب حذفه يفسّر (٧) بعد حذفه كقوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
__________________
(١) شرح الوافية ، ١٦٠ وانظر شرح التصريح ، ١ / ١٨٢.
(٢) البيت لعمرو بن معديكرب ، ورد منسوبا له في الكتاب ، ٢ / ٣٥٣ وشرح ديوان الحماسة ، للمرزوقي ١ / ٤١١ وشرح شواهد المغني ، للسيوطي ١ / ٤١٩ وذكر أنه ينسب للفرزدق أيضا وليس في ديوانه ، وورد من غيره نسبة في شرح المفصل ، ٣ / ١٠١ ـ ١٠٣ ولسان العرب ، قطر ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٠٩. قطر : صرع.
(٣) شرح الكافية ، ٣٨٥.
(٤) شرح الوافية ، ١٦٠ والتشابه تام ، وانظر شرح التصريح ، ١ / ٢٧٣.
(٥) من الآيتين ٣٦ ـ ٣٧ من سورة النور ونصهما : «في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال ، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة يخافون يوما تتقلّب فيه القلوب والأبصار».
(٦) قرأ أبو بكر وابن عامر بفتح الباء على ما لم يسمّ فاعله ف «له» يقوم مقام الفاعل ثم فسّر من هو الذي يسبّح له بقوله ؛ رجال لا تلهيهم ، كأنه لمّا قيل يسبّح له فيها قيل : من هو الذي يسبّح فقيل : رجال صفتهم كذا وكذا ، ويجوز أن يرتفع رجال بالابتداء والخبر في بيوت فيوقف على الآصال في القول الأول ولا يوقف عليه في هذا القول الثاني ، وقرأ الباقون بكسر الباء ، بنوا الفعل للفاعل وهو الرجال فارتفعوا بفعلهم. انظر الكشف ، ٢ / ١٣٩ ـ والنشر في القراءات العشر ، لابن الجزري ، ٢ / ٣٢٢ ـ واتحاف فضلاء البشر ، للدمياطي ، ٣٩٤.
(٧) في الأصل «والفعل الواجب حذفه أن يفسر» وفي شرح الوافية ، ١٦١ «والواجب أن يجيء تفسيرا لفعل