محذوف (١) ، والفرّاء (٢) يمنع من حذف الفاعل ومن الإضمار قبل الذّكر ، ويقول إذا توجّه الفعلان إلى الظّاهر على جهة الفاعليّة مثل : قام وقعد زيد ، فزيد مرفوع بهما (٣) وهو باطل ، لتعذّر أن يفعل الاسم الواحد الفعلين في حالة واحدة (٤) وتقول : ضربني وضربت زيدا هو ، فتجعل هو فاعل ضربني لصّحة رجوعه إلى زيد ، لتقدّمه عليه لفظا ، وإن احتاج الأوّل إلى مفعول فاحذفه ، لأنّه فضلة يستغنى عنه إلّا أن يكون هو المفعول الثاني من باب ظننت ، فإنّه لا يحذف كقولك : ظنّني قائما / وظننت زيدا قائما (٥) فلو أضمرته وقلت : علّمني إياه وعلمت زيدا منطلقا ، لم يجز لأنّ المفعول لا يضمر قبل الذّكر أصلا.
وإن أعملت الأوّل على اختيار الكوفيين أضمرت الفاعل في الثاني ، نحو : ضربت وضرباني الزيدين ، وليس ذلك إضمارا قبل الذكر ، وإن احتاج الثاني إلى مفعول ، فالمختار إضماره نحو : ضربني وضربته زيد ، وإن عسر إضماره ، أظهرته نحو : ظننت وظنّاني قائما الزيدين قائمين ، لأنّك لو قلت : ظننت وظنّاني إياه الزيدين قائمين ، لم يستقم لرجوع إياه وهو مفرد إلى قائمين وهو مثنّى ، وإن جعلت إياه مثنّى وقلت : ظننت وظنّاني إياهما ، لم يستقم أيضا ، لأنّه خبر عن مفرد ، وهو المفعول الأوّل في ظناني (٦).
ذكر مفعول ما لم يسمّ فاعله (٧)
هو كلّ مفعول لفعل حذف فاعله ورفع هو لإقامته مقام الفاعل ، وشرط فعله إن كان ماضيا أن ينقل من فعل إلى فعل ، وإن كان مستقبلا أن ينقل من يفعل إلى يفعل ، عبّر ب «فعل» يفعل عن جميع الأفعال التي ذكر معها فاعلها ، وب «فعل» يفعل عن
__________________
(١) شرح الوافية ، ١٦٢.
(٢) يحيى بن زياد أبو زكريا ، أعلم النحويين الكوفيين بعد الكسائي ، توفي ٢٠٧ ه ، انظر ترجمته في الفهرست ، ٩٨ ، ونزهة الألباء ، ٩٨ والبلغة ، ٢٨٠ ، والبغية ، ٢ / ٣٣.
(٣) شرح المفصل ، ١ / ٧٧.
(٤) شرح الكافية ، ١ / ٨٠.
(٥) شرح التصريح ، ١ / ٣٢٢.
(٦) شرح الوافية ، ١٦٣ ـ ١٦٤ وانظر همع الهوامع ، ٢ / ١١٠.
(٧) الكافية ، ٣٨٥ ـ ٣٨٦.