بخلاف التي للمفاجأة ، وبعد حيث ، لأنّها مثل إذا في اقتضائها الفعل بعدها (١) وبعد حرف النفي ، فإنّك إذا قلت : ما زيدا ضربته ، فالنفي لضرب زيد لا لذاته فلما كان الفعل بعده كان النّصب أولى (٢). وإذا وقع بعده فعل معناه الطّلب كان أقواها سببا في اختيار النّصب (٣) ، وكذلك شبه الفعل نحو : زيدا دراكه ، لأنّه على تقدير الرفع يلزم وقوع الطلب وهو الأمر والنهي والدعاء خبرا عن المبتدأ وهو بعيد ، لأنّ الخبر ما يحتمل الصّدق والكذب ، والإنشاء لا يحتمل ذلك ، وإنّما جاز على تأويل ، وهو أن يقدّر زيد مقول فيه اضربه أو لا تضربه ، وعلى تقدير النّصب لا يلزم إلّا حذف الفعل وهو كثير غير بعيد للمبتدأ المرفوع ، وكأنّك قلت : زيد أنت مأمور بضربه أو زيد مقول فيه اضربه (٤) وكذلك المصدر الذي بمعنى الطّلب فإنّ حكمه حكم الطّلب الصريح في اختيار النّصب نحو : أمّا زيدا فجدعا له ، وأما جعفرا فسقيا له ، لأنّك تريد : جدعه الله جدعا ، وسقاه الله سقيا ، وإذا كان الدّعاء بغير فعل ولا في تقدير الفعل لم ينصب الاسم الأول نحو : أمّا زيد فسلام عليه ، وأمّا الكافر فويل له (٥) ويختار الرّفع عند عدم قرينة خلافه (٦) كقولك : زيد ضربته ، لأنّه يرتفع بالابتداء فيكون غير محتاج إلى تقدير ، والنصب يحتاج إلى تقدير الفعل الناصب فكان الرّفع أولى (٧) ، وكذلك يختار الرّفع مع أمّا وهي تغلب غير الطلب من قرائن النّصب فيكون الرفع بعدها أولى لاقتضائها المبتدأ بعدها غالبا ، فإن جاء الطلب معها ، قدّم اعتباره عليها فيصير النّصب أولى ، وكذلك إذا التي للمفاجأة كقولك : قام زيد وإذا عبد الله تضربه لاقتضائها المبتدأ بعدها غالبا (٨) ومثال غلبة أمّا مع قرينة النّصب قولك : قمت وأمّا جعفر فقد
__________________
(١) في الكتاب ١ / ١٠٦ ومما يقبح بعده ابتداء الأسماء ... إذا وحيث تقول : إذا عبد الله تلقاه فأكرمه ، وحيث زيدا تجده فأكرمه وانظر شرح التصريح ١ / ٣٠٣ وشرح الأشموني ٢ / ٧٨.
(٢) شرح المفصل ، ٢ / ٣٤ ـ ٣٦.
(٣) شرح الوافية ، ٢٠٧ والنقل منه.
(٤) شرح التصريح ، ١ / ٣٠٧ وهمع الهوامع ، ٢ / ١١١.
(٥) شرح المفصل ٢ / ٣٨.
(٦) الكافية ، ٣٩١.
(٧) في شرح الوافية ، ٢٠٨ ويختار الرفع إذا فقدت قرائن النصب كقولك : زيد ضربته ...
(٨) شرح الوافية ، ٢٠٨ وشرح الكافية ، ١ / ١٧١.