إعراب الجملة الصغرى غير ظاهر في اللفظ صارت بمنزلة ما لا موضع له من الإعراب ، فصحّ أن يعطف عليها ما لا موضع له من الإعراب (١).
ويجب النّصب بعد حرف التحضيض ، وحرف الشّرط (٢) لأنّهما مخصوصان بالأفعال إذ لا يحضّ إلا على الفعل (٣) ، ولأنّ الشرط إمّا للماضي أو للمستقبل ولا يكون إلّا فعلا كقولك : هلّا زيدا ضربته أو إن زيدا ضربته ضربته ، وإذا وجب تقدير الفعل وجب النّصب (٤) ونحو : أزيد ذهب به ، ليس من هذا الباب ، لأنّ الفعل لم يعمل في ضمير زيد نصبا ، فلو سلّط ذهب على زيد لم ينصبه ولا مناسبه أعني أذهب ، فرفع زيد لازم حينئذ على الابتداء ، والجملة التي بعد خبره (٥) ، وقد أجاز السيرافي (٦) فيه النصب على تقدير : زيد ذهب الذّهاب به ، لأنّك لمّا أسندت الفعل إلى مصدره بقي الجار والمجرور في محلّ النّصب (٧) وهو ضعيف ، لأنّ المصدر لا يقوم مقام الفاعل إلّا إذا تخصّص بوصف أو بغيره لعدم الفائدة في إقامته مقام الفاعل بدون ذلك ، فالقائم مقام الفاعل (٨) هو الجار والمجرور حينئذ لا المصدر (٩) وأمّا قوله تعالى (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ)(١٠) فليس من هذا الباب لأنّك لو حذفت الهاء من فعلوه ، وسلطت الفعل على كلّ ، صار إنّهم فعلوا كلّ شيء في الزّبر ، وهو خلاف المقصود ، لأن المعنى أنّ كلّ شيء يفعلونه فهو في الزّبر ، والزّبر الكتب ، أي إن فعلوا حسنا كتب لهم حسن ، وإن فعلوا قبيحا / كتب كذلك ، ففعلوه صفة
__________________
(١) انظر ذلك كله في شرح المفصل ، ٢ / ٣٣ وشرح الكافية ، ١ / ١٧٥ ـ ١٧٦.
(٢) الكافية ، ٣٩٢.
(٣) في الأصل التفعيل.
(٤) شرح المفصل ، ٢ / ٣٨ ، وشرح الكافية ، ١ / ١٧٧.
(٥) الكتاب ، ١ / ١٠٤ وشرح الوافية ، ٢٠٩.
(٦) أبو سعيد الحسن بن عبد الله المرزبان السيرافي ، صنف تصانيف كثيرة أشهرها : شرح كتاب سيبويه توفي ٣٦٨ ه انظر ترجمته في الفهرست ٩٣ وإنباه الرواة ١ / ٣١٣ والبلغة ، ٦١.
(٧) وإلى ذلك ذهب ابن السراج أيضا ، شرح الكافية ، ١ / ١٧٧.
(٨) في الأصل مقام القاعد.
(٩) شرح المفصل ، ٢ / ٣٥ وتسهيل الفوائد ، ٨٢.
(١٠) من الآية ٥٢ من سورة القمر.