لشيء ، ولا يجوز أن تقدّر ناصبة لما قبل الموصوف (١).
ذكر التّحذير (٢)
وهو القسم الرابع من أقسام المفعول به الذي يجب حذف فعله الناصب له قياسا ، والتحذير قسمان :
أحدهما : معمول بتقدير اتّق ، تحذيرا مما بعده كقولك : إيّاك والأسد ، وإيّاك من الأسد ، وإيّاك وأن تحذف ، وإيّاك من أن تحذف ، فإيّاك ضمير منصوب ، والمعطوف على إياك هو المفعول الذي أضمر الفعل الناصب له المحذوف لفظا والمعنى باعد نفسك عن الأسد والأسد عنك ، واتّق أن تحذف ، واتّق الحذف أن يتعرّض لك (٣) وإنّما لزم حذف الفعل الناصب له ، لأنّ إيّاك لما كثر في استعمالهم ، جعلوه نائبا عن الفعل الناصب الذي هو اتّق أو باعد ، وأقاموه مقامه فلم يجز إظهاره لذلك.
والثاني : معمول بتقدير اتّق أيضا لكن المحذّر منه مكرّر ، كقولك : الأسد الأسد ، والصبيّ الصبيّ ، والمعنى احذر الأسد احذر الأسد ، واحذر إيطاء الصبي إحذر إيطاء الصبي ، ومعنى إيطاء الصبي : إيطاء الدّابة الصبيّ (٤) ، فأقيم الأوّل مقام احذر ، فلزم إضمار احذر ، لأنّه لو أظهر لكان قد أدخل الفعل على ما قام مقامه ، وكان كإدخال الفعل على الفعل (٥) ولك في : إياك من أن تحذف ، عبارة أخرى وهي : إياك أن تحذف ، بحذف من لأن حروف الجر تحذف مع أن وأنّ كثيرا ، لطولهما بالصلة ولا يجوز أن يقال : إياك الأسد ، بتقدير : إيّاك والأسد ، ولا بتقدير إياك من الأسد ، لامتناع حذف حرف العطف ، وامتناع حذف حرف الجرّ من الأسماء الصريحة في مثل هذا الباب (٦) لكن حذف في غير هذا الباب توسّعا في الكلام إذا
__________________
(١) أي لا يجوز جعل «فعلوه» ناصبا لكل. وانظر شرح الوافية ، ٢٠٩ وشرح الكافية ، ١ / ١٧٧ ـ ١٧٨ وشرح التصريح ، ١ / ٣٠٢ وشرح الأشموني ، ٢ / ٨٠.
(٢) الكافية ، ٣٩٢.
(٣) شرح الوافية ، ٢١٢ ـ ٢١٣ وشرح المفصل ٢ / ٢٥.
(٤) وطىء الشيء يطؤه وطئا : داسه ، اللسان ، وطأ.
(٥) شرح الوافية ، ٢١٣ وشرح المفصل ، ٢ / ٢٩.
(٦) شرح الوافية ، ٢١٣ وشرح الكافية ، ٢ / ١٣٨.