ويجوز حذف عامل الحال إذا دلّت عليه قرينة كما جاز حذف غيره كقولك للمسافر : راشدا ومرشدا مهديّا أي اذهب راشدا مرشدا ، ويجب حذف العامل في الحال المؤكّدة (١) وهي التي لا ينتقل ذو الحال عنها ما دام موجودا غالبا ، كقولهم : زيد أبوك عطوفا فإنّ الأب لا ينفكّ عن العطف غالبا ، ووجب حذف العامل لأنّ الأب يشعر بالعطف فاستغني عن التصريح بالعامل الذي هو أحقّه أو أثبته ، فحصلت القرينة ، وعطوفا لفظ التزم موضعه فوجب الحذف (٢) ، وشرط هذه الحال أن تكون مؤكّدة ومقرّرة وتابعة لمضمون جملة اسميّة (٣)(٤) نحو : زيد أبوك عطوفا فإنّ عطوفا مقرّر لمضمون زيد أبوك ، وقال : اسميّة لأنّها لو كانت مقرّرة لمضمون جملة فعليّة لم يكن فعلها واجب الحذف (٥). ومعنى كونها مؤكّدة ، أنها تعلم قبل ذكرها فيكون ذكرها توكيدا لها وهل هي من الفاعل أو من المفعول؟ فالجواب : أنّك إن قدّرت ثبت أو تحقّق عطوفا فهي من الفاعل ، وإن قدّرت أحقّه أو أثبته عطوفا فهي من المفعول (٦).
ذكر التمييز (٧)
وهو ثاني المنصوبات المشبّهة بالمفعول ، ووجه الشّبه أنّ نحو : طاب زيد نفسا ، يشبه ضرب زيد عمرا ، وعشرون درهما مثل : ضاربون زيدا ، والتمييز تفعيل
__________________
إنّ العامل في بسرا هذا ، فهذا يقول الهذيان وفي إيضاح المفصل ، ١ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦ أورد آراءهم في العامل ومنها رأي الفارسي ثم قال «وذهب آخرون إلى أن العامل في بسرا أطيب ، وهذا هو الصحيح ، والقول الأول ـ للفارسي ـ وهم محض» ثم راح يسوق أدلة تؤيد كون العامل هو أطيب ، منها ما ذكره أبو الفداء هنا. وللتوسع في هذه المسألة انظر الكتاب ١ / ٤٠٠ والمقتضب ٣ / ٢٥١ وشرح المفصل ، ٢ / ٦٠ وشرح الكافية ، ١ / ٢٠٨ وعمدة الحافظ ، ١ / ٣١٩ وشرح التصريح ، ١ / ١٨٣ ، وهمع الهوامع ، ١ / ٢٤٢ وشرح الأشموني ٢ / ١٨٢ وانظر إيضاح ابن الحاجب المخطوط ١٢٣ ظ.
(١) الكافية ، ٣٩٤.
(٢) شرح الوافية ، ٢٢٣ وانظر شرح الأشموني ، ٢ / ١٩٢.
(٣) الكافية ، ٣٩٤.
(٤) وجزآها معرفتان جامدان. الهمع ، ١ / ٢٤٥.
(٥) شرح الكافية ، ١ / ٢١٤.
(٦) شرح الوافية ، ٢١٣.
(٧) الكافية ، ٣٩٤.