لا تدخل إلّا على الفعل فوجب أن يكون خلا وعدا فعلين وفاعلهما مضمر ، والمستثنى مفعول به فوجب نصبه ، وأما ليس ولا يكون فلأنّهما فعلان ناقصان اسمهما مضمر فيهما ، والمستثنى خبرهما فيجب نصبه ، كقولك : جاءني القوم ليس بعضهم زيدا ولا يكون بعضهم عمرا (١). وكان القياس أن تورد هذه المفاعيل في المفعول به وفي خبر كان وأخواتها ، لا في الاستثناء ولكن ذكرناها فيه حسبما ذكرها غيرنا (٢).
ذكر جواز نصب المستثنى (٣)
يجوز نصب المستثنى ويختار إبداله ، إذا وقع بعد إلّا في كلام غير موجب وذكر المستثنى منه نحو : ما قام أحد إلّا زيد وزيدا ، برفعه على البدل من المستثنى منه ، ونصبه على الاستثناء ، والمراد بغير الموجب الكلام الواقع في سياق النفي ، أو النهي ، أو الاستفهام ، وخرج / بقوله : بعد إلّا ، ما هو بعد أخواتها لتعذّر البدل فيما بعدهنّ ، وإنّما اشترط أن يكون في غير موجب ، لأنّه لو كان في كلام موجب لم يجز البدل ، ووجب النّصب كما تقدّم ، وفي جعله بدلا إشكال من وجهين :
أحدهما : أنه بدل البعض من الكل لعموم النكرة في سياق النفي أعني أحدا وبدل البعض لا بدّ فيه من ضمير نحو : ضربت زيدا يده أو يدا له ، ولا ضمير إذا جعل بدلا ، إذ تقديره : ما قام إلّا زيد ، فلا يصحّ البدل.
وثانيهما : أن زيدا مثبت والمبدل منه منفيّ ، فيباين البدل المبدل منه (٤) وقد أجابوا عن ذلك بما لا يخلو من تكلّف ، فقالوا : أما الضمير في زيد فهو محذوف مراد ، إذ التقدير : ما قام إلّا زيد منهم ، وإن اختلاف الحكم نفيا وإثباتا لا يمنع البدليّة
__________________
(١) الكتاب ، ٢ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠.
(٢) أكثر النحويين ذكروا هذه المفاعيل في باب الإستثناء ، انظر المفصل ، ٦٧ وشرح المفصل ، ٢ / ٧٨ ، وإيضاح المفصل ، ١ / ٣٦٤ وتسهيل الفوائد ، ١٠٥ ـ ١٠٦ وشرح ابن عقيل ، ٢ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣ وشرح الأشموني ، ٢ / ١٦٢.
(٣) الكافية ، ٣٩٥.
(٤) قال ثعلب : كيف يكون بدلا ، والأول مخالف للثاني في النفي والإيجاب. انظر شرح الكافية ، ١ / ٢٣٣ ، وشرح التصريح ، ١ / ٣٤٩.